المقصد الثالث فی النواهی

المقام الثانی : فی الاستظهار من الأدلّة الناهیة عن حصّة من المعاملة

المقام الثانی : فی الاستظهار من الأدلّة الناهیة عن حصّة من المعاملة

‏ ‏

‏وأنّها متعلّقة بأی شیء من الاُمور المشار إلیها، فعن الشیخ الأنصاریّ ‏‏قدس سره‏‎ ‎‏ظهورها فی تعلّقه بصدور الفعل المباشریّ‏‎[1]‎‏، واستبعده الوالد المحقّق ـ مدّظلّه ‏‎ ‎‏وعدّه أبعد الاحتمالات، واستظهر أنّها متعلّقة بحرمة ترتیب الأثر، مستدلاًّ: «بأنّ‏‎ ‎‏تعلّقها بالفعل المباشریّ لا معنیٰ له؛ لأنّه لیس إلاّ التلفّظ بالآلات التی لاینظر فیها.‏

‏وهکذا تعلّقها بالمسبّب غیر صحیح؛ لأنّه حکم عقلائیّ، ولایکون مبغوضاً‏‎ ‎‏نوعاً، ولا التسبّب.‏

بل الظاهر :‏ أنّ الغرض من النهی هو الزجر عن المعاملة بلحاظ آثارها،‏‎ ‎‏فالممنوع هو ترتیب الآثار المطلوبة علیها، کسائر المعاملات، وهو مساوق‏‎ ‎‏للفساد»‏‎[2]‎‏ انتهیٰ.‏

‏وإلیه ذهب السیّد الاُستاذ البروجردیّ ‏‏قدس سره‏‏ قائلاً: «إنّ الأمر والنهی فی الاُمور‏‎ ‎‏الآلیّة یتعلّقان حقیقة بما هی فانیة فیه، فلایتبادر إلی الأذهان من النهی عن نکاح‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 376
‏الاُمّ مثلاً، إلاّ حرمة ترتیب آثار الزوجیّة، فإنّها المقصود بالذات من النکاح،‏‎ ‎‏لا الإیجاب والقبول، ولا الزوجیّة المجرّدة عنها»‏‎[3]‎‏.‏

أقول :‏ ظاهرهما أنّ متعلّق النهی التحریمیّ هو التصرّف، وقد عرفت المناقشة‏‎ ‎‏فی دلالته علی الفساد. هذا مع أنّ الأغراض لیست موجبة لصرف الأدلّة عن‏‎ ‎‏ظاهرها، وإلاّ یلزم إنکار الواجبات النفسیّة والمحرّمات النفسیّة، فعلیه لا مانع من‏‎ ‎‏کون المحرّم والمنهیّ شیئاً، والمقصود بالذات والمبغوض الحقیقیّ أمراً ملازماً معه‏‎ ‎‏بوجه من الملازمات الممکنة؛ من العلّیة وغیرها.‏

‏فعلیٰ هذا، إذا تعلّق النهی بالبیع الربویّ، أو بالبیع الغرریّ، یکون البیع محرّماً،‏‎ ‎‏کما تکون الصلاة فی الوبر محرّمة، وإذا لاحظنا البیع نجد أنّه عبارة عن إنشاء‏‎ ‎‏المبادلة، الذی هو إمّا تمام الموضوع لحکم العقلاء بالنقل وبحصول الملکیّة، أو هو‏‎ ‎‏تمام السبب، وإذا کان هو محرّماً تشریعاً یلزم ـ حسبما تحرّر ـ تخصیص أدلّة‏‎ ‎‏الجعل والتنفیذ، وتقیید المطلقات الواردة فی محیط المرکّبات والمسبّبات، وتصیر‏‎ ‎‏النتیجة فسادها.‏

وبالجملة :‏ یکون المحرّم إمّا البیع الإنشائیّ، أو البیع المعتبر بقاء القابل‏‎ ‎‏للفسخ المعبّر عنه بـ «البیع المسبّبی» أو یکون هما معاً إذا فرض لهما الجامع، أو‏‎ ‎‏جوّزنا استعمال اللفظ فی أکثر من المعنی الواحد، علیٰ إشکال فی الأخیر؛‏‎ ‎‏لعدم الجامع، ولأنّ جواز الاستعمال المزبور لایستلزم وقوعه، خصوصاً فی هذه‏‎ ‎‏التراکیب الشرعیّة.‏

‏فعلیٰ هذا، إن استظهرنا من الدلیل أحد الإطلاقین فهو، وإلاّ یلزم الإجمال،‏‎ ‎‏ویلزم العمل بالعلم الإجمالیّ ، فتأمّل.‏

‏وممّا یؤیّد ما سلکناه فی هذا المقام؛ أنّ إرجاع تحریم المعاملة إلیٰ أثرها‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 377
‏یستلزم إنکار محرّمیة المعاملة، وهو خلاف الفرض؛ لأنّ المفروض کون المعاملة‏‎ ‎‏مورد النهی، وأثرها خارج عنها. هذا مع أنّ قضیّة الاعتبار کون نکاح الاُمّ حراماً‏‎ ‎‏زائداً علیٰ حرمة الزنا بها، ولو رجع تلک الحرمة إلیها یلزم اتحاد المحرّم.‏

‏وغیر خفیّ : أنّ الشیخ الأعظم الأنصاریّ ‏‏رحمه الله‏‏ وإن نسب إلیه أنّه کان یقول:‏‎ ‎‏بأنّ المحرّم هو الفعل المباشریّ، ولکنّ المقصود منه هو إنشاء المعاملة، فإنّه فعل‏‎ ‎‏مباشریّ بمباشریّة الآلات، فیکون کلامه أقرب المحتملات، فلاحظ.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 378

  • )) مطارح الأنظار: 164 / السطر 8 ـ 9 .
  • )) مناهج الوصول 2 : 163، تهذیب الاُصول 2 : 418 .
  • )) نهایة الاُصول : 288 .