المقصد الثانی فی الأوامر

المقام الثانی : دلالة الصیغة علی الوجوب ثبوتاً وإثباتاً

المقام الثانی 

فی دلالة الصیغة علی الوجوب ثبوتاً وإثباتاً

‏ ‏

‏بعدما عرفت وحدة المعنیٰ؛ وأنّه هو التحریک الاعتباریّ بالحمل الشائع؛ من‏‎ ‎‏غیر أخذ القید الآخر فیه من الوجوب أو الندب، فلابدّ من الالتزام بأحد أمرین: إمّا‏‎ ‎‏عدم لزوم الامتثال عقیبه إلاّ مع القرینة، أو إثبات أنّ عدم القرینة علیٰ سائر المعانی،‏‎ ‎‏قرینة الوجوب والتحتّم، من غیر لزوم کون الاستعمال مجازیّاً. لاسبیل إلی الالتزام‏‎ ‎‏بالأوّل، فیتعیّن الثانی.‏

‏وأمّا الدلیل علی الدعوی الاُولیٰ: فهو أنّ بناء العرف والعقلاء علیه قطعاً.‏‎ ‎‏وکثرة الاستعمالات الاُخر مع القرائن، لاتورث قصوراً فی بنائهم، کما هو المشاهد.‏

ودعویٰ :‏ أنّ بناءهم علی الأخذ بالأمر لوجود قرینة علیه؛ حالیّة کانت، أو‏‎ ‎‏مقالیّة‏‎[1]‎‏، غیر بعیدة، ولکنّ المراجعة إلیٰ عادتهم تعطی أنّهم یؤاخذون علیه، ویحتجّ‏‎ ‎‏بعضهم علیٰ بعض، من غیر توقّف علی القرینة، ومن غیر انتظارها، فأصل هذا‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 89
‏ولزوم التبعیّة، ممّا لاشکّ فیه إنصافاً.‏

وتوهّم :‏ أنّ ماهو موضوع البحث لیس مطلق الصیغة، بل الصیغة الصادرة عن‏‎ ‎‏الاستعلاء والعلوّ جمعاً، أو علیٰ سبیل منع الخلوّ، وفی ذلک کفایة للقرینیّة، من غیر‏‎ ‎‏حاجة إلیٰ إثبات الدعوی الثانیة‏‎[2]‎‏، فاسد؛ ضرورة أنّ التحقیق فی تلک المسألة،‏‎ ‎‏عدم اعتبارهما فی مفهوم الأمر رأساً. مع أنّ المعروف بینهم کفایة العلوّ.‏

‏هذا مع أنّ الأوامر الندبیّة، صادرة عن المبادئ العالیة، فلایکفی ذلک للقرینیّة.‏

‏إذا عرفت ذلک فاعلم : أنّ البحث حول الدعوی الثانیة یقع فی جهتین:‏

الجهة الاُولیٰ :‏ فی إمکان التوسّل إلیٰ إفادة الإرادة الحتمیّة اللزومیّة، وإلیٰ‏‎ ‎‏إفادة الوجوب واللزوم؛ بالهیئة الموضوعة للمعنی الآخر.‏

الجهة الثانیة :‏ فی کیفیّة استفادة الوجوب منها؛ فإنّ مجرّد الإمکان غیر کافٍ‏‎ ‎‏عن المرحلة الثانیة ومقامِ الاستظهار والإثبات.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 90

  • )) بدائع الأفکار ، المحقّق الرشتی : 273 / السطر 10 ـ 12 .
  • )) هدایة المسترشدین: 136 / السطر 19.