المقصد الثانی فی الأوامر

التنبیه الأوّل : التمسّک بمتمّم الجعل وبمعنی العبادیة لإثبات التقیید

التنبیه الأوّل : حول التمسّک بمتمّم الجعل وبمعنی العبادیة

‏ ‏

‏لإثبات التقیید‏

‏ ‏

‏استفادة التقیّد به علیٰ طریقتنا، ممکنة بالأمر الأوّل، فیؤخذ عنوان «قصد‏‎ ‎‏الأمر» فی المتعلّق، ویصیر هذا سبباً لانتقال المکلّفین إلیٰ أخصّیة المرام والمقصد،‏‎ ‎‏من غیر تعلّق الأمر بهذا القید؛ لأنّه عنوان مشیر إلیٰ أمر آخر وممکنة بالأمر الثانی‏‎ ‎‏الإرشادیّ إرشاداً إلیٰ ما سلف.‏

‏وأمّا الإرشاد إلیٰ أنّه جزء المأمور به وشرطه، حتّیٰ یکون فی الانحلال مثلاً‏‎ ‎‏ینحلّ إلیه الأمر، فهو غیر محتاج إلیه، بل ربّما لا یساعده بعض ما مرّ منّا فی‏‎ ‎‏الإشکال علی الأمر الثانی‏‎[1]‎‏، فتأمّل جیّداً.‏

‏وممّا ذکرنا یظهر: أنّ التمسّک بالمتمِّم للجعل؛ بتوهّم أنّ الأمر الأوّل ممتنع أن‏‎ ‎‏یشمل هذا القید، ولکن یتمّم ذلک بالأمر الثانی، کما أفاده العلاّمة النائینیّ‏‎[2]‎‏، فی‏‎ ‎‏غایة السقوط؛ فإنّ الأمر الثانی لایمکن أن یکون باعثاً إلیٰ باعثیّة الأمر الأوّل، کما‏‎ ‎‏مضیٰ، ولایمکن أن یرشد إلیٰ قید فی المأمور به الأوّل؛ للزوم الامتناع والخلف، کما‏‎ ‎‏هو الظاهر، فمن یقول بالامتناع، لایمکن له أن یتوسّل إلی استفادة العبادیّة من‏‎ ‎‏الألفاظ ـ ولو کانت إرشادیّة ـ إلاّ بالوجه الذی أبدعناه فی المسألة‏‎[3]‎‏.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 178
‏وأمّا ما أفاده السیّد المجدّد الشیرازیّ فی المقام: «من أنّ العبادیّة إنّما هی‏‎ ‎‏کیفیّة فی المأمور به، وعنوان له، ویکون قصد الأمر أو الوجه أو غیر ذلک، من‏‎ ‎‏المحقّقات لذلک العنوان، ومحصّلاً له، من دون أن یکون متعلّقاً للأمر، ولا مأخوذاً‏‎ ‎‏فی المأمور به.‏

وبالجملة :‏ العبادة هی عبارة عن الوظیفة التی شرعت لأجل أن یتعبّد بها‏‎ ‎‏العبد، فالصلاة المأتیّ بها بعنوان التعبّد وإظهاراً للعبودیّة، هی المأمور بها، والأمر بها‏‎ ‎‏علیٰ هذا الوجه بمکان من الإمکان»‏‎[4]‎‏ انتهیٰ.‏

ففیه أوّلاً :‏ أنّ هذا هو الوجه الذی یستلزم سقوط بحث التعبّدی والتوصّلی،‏‎ ‎‏کما شرحناه سابقاً‏‎[5]‎‏، وذکرنا أنّ هذه المسألة مبنیّة علیٰ تقوّم عبادیّة العبادة بقصد‏‎ ‎‏الأمر والامتثال، وأنّ المشکلة التی حدت الأعلام إلیٰ فتح هذا الباب؛ أنّ العبادیّة‏‎ ‎‏معناها الإتیان بداعی الأمر، فکیف یعقل أخذه فی متعلّق الأمر؟!‏

وثانیاً :‏ هذا یستلزم الاشتغال؛ لأنّ الواجب بناءً علیه ـ کما مضیٰ منّا ـ یصیر‏‎ ‎‏عنوان «العبادة» وعند ذلک إمّا یتعیّن الاحتیاط مطلقاً فی الأقلّ والأکثر إلاّ فی‏‎ ‎‏التوصّلیات، أو یتعیّن الاشتغال فی المحصّلات الشرعیّة، ولا أظنّ التزامه بذلک.‏

وثالثاً :‏ یلزم کون الأمر المتوجّه إلی العبادات توصّلیّاً، وأنّ مناط العبادیّة‏‎ ‎‏کون الفعل صادراً عن داعٍ إلهیّ، وهذا أیضاً بعید. مع أنّه مناقض لما أفاده من کفایة‏‎ ‎‏الإتیان بالفعل بداعی الأمر فی العبادیّة، فراجع وتدبّر.‏

‏وأمّا استفادة العبادیّة من الإطلاق المقامیّ، فهو أیضاً محلّ المناقشة؛ لأنّه فیما‏‎ ‎‏إذا أمکن إفادتها بالألفاظ، وهی ـ علیٰ ما أشرنا إلیه ـ علیٰ ما سلکه القوم ممتنعة.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 179
‏نعم، هی ممکنة لو کانت هی الإرشاد إلیٰ أخصّیة المرام وضیق الطلب، دون‏‎ ‎‏أن تکون إرشاداً إلیٰ قید فی المتعلّق؛ لأنّه یستلزم الامتناع المزبور.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 180

  • )) تقدّم فی الصفحة 137 ـ 140 .
  • )) أجود التقریرات 1: 115 ـ 116.
  • )) تقدّم فی الصفحة 139 .
  • )) لاحظ فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1: 152 ـ 153.
  • )) تقدّم فی الصفحة 211 .