المقصد الثانی فی الأوامر

التنبیه الثالث : فی أنّ إطلاق الخطاب هل یقتضی الإتیان بالفرد المباح ؟

التنبیه الثالث : فی أنّ إطلاق الخطاب هل یقتضی الإتیان

‏ ‏

‏بالفرد المباح ؟‏

‏ ‏

‏هل الخطاب بإطلاقه، یقتضی الإتیان فی مقام الامتثال بالمصداق المباح،‏‎ ‎‏فلایسقط الأمر بالمصداق المحرّم، أم قضیّة الإطلاق هو التوسعة، کما فی جمیع‏‎ ‎‏المواقف.‏

‏وقبل الإشارة إلی مقتضی الدلیل الاجتهادیّ، لابدّ من تحریر محلّ النزاع،‏‎ ‎‏ولقد خفی علی الباحثین کلّهم؛ لوقوعهم فی بحث جواز اجتماع الأمر والنهی، وفی‏‎ ‎‏مسألة النهی عن العبادات، وهو بعید عن ساحتهم مع توغّلهم فی الاُصول؛ وذلک‏‎ ‎‏لأنّ الجهة المبحوث عنها هنا: هی أنّه بعد مفروغیّة إمکان الامتثال بالفرد المحرّم‏‎ ‎‏عقلاً، فهل هو کافٍ عرفاً وعند العقلاء، أم لابدّ من الامتثال بالفرد المباح؟‏

‏فکون الواجب تعبّدیاً ینافی الحرمة، أو کون النسبة عموماً مطلقاً، تناقض‏‎ ‎‏إطلاق الملاک فی المطلق، وکون الترکیب اتحادیّاً یضادّ حفظ الخطاب والتکلیف،‏‎ ‎‏کلّها أجنبیّة عمّا نحن فیه.‏

‏فهذه المسألة کسابقاتها، مسألة عقلائیّة استظهاریّة من إرسال الخطاب مع‏‎ ‎‏إمکان الامتثال حسب درک العقل بدواً. ولذلک تکون الجهة المبحوث عنها، أعمّ‏‎ ‎‏من کون المأمور به مصداق المحرّم بعنوان آخر منطبق علیه ـ کالغسل، والتصرّف‏‎ ‎‏فی ماء الغیر، وکالصلاة فی الدار المغصوبة ـ ومن کونه مستلزماً للمحرّم، أو‏‎ ‎‏متوقّفاً علیه.‏

فعلیه نقول :‏ إنّ المراد من «الإطلاق» هنا، لیس الإطلاق المصطلح علیه فی‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 184
‏باب المطلق والمقیّد، کما عرفت منّا تفصیله‏‎[1]‎‏، بل المراد من «الإطلاق» هو‏‎ ‎‏الإرسال مع الاتکاء علی القرینة العدمیّة؛ وهی عدم ذکر القید علی الخصوصیّة، فإنّه‏‎ ‎‏عند عدم ذکرها یکشف ـ لأجل تلک القرینة العدمیّة؛ وهی عدم ذکر القید ـ أنّ‏‎ ‎‏الواجب نفسیّ، عینیّ، تعینیّ، مباشریّ، وهکذا .‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 185

  • )) تقدّم فی الصفحة 151 .