رابعها : فی أنّ البحث إثباتیّ تصوّری
النزاع فی بحث الإجزاء فی المواقف الثلاثة الأخیرة، لیس حول مفاد الأدلّة تصدیقاً، بل الجهة المبحوث عنها هنا هو البحث الإثباتیّ التصوّری؛ بمعنیٰ أنّه إن کان مفاد الأدلّة فی أبواب الاضطرار کذا، فلابدَّ من القول بالإجزاء، وإن کان مفادها کذا، فلابدّ من القول بعدمه، وإن کان کذا فیفصّل بین الأداء والقضاء وهکذا، فما تریٰ من البحث حول الأدلّة إثباتاً، فی غیر محلّه؛ لأنّ تصدیق أحد الاحتمالات یحتاج إلی مؤونة زائدة علی المسألة الاُصولیّة.
ثمّ إنّ البحث أیضاً، لیس إلاّ بعد الفراغ عن کون المأمور به الاضطراریّ، موردَ الأمر الاضطراریّ واقعاً، لا تخیّلاً وتوهّماً، فإنّه إذا کان القول بعدم الإجزاء لعدم تحقّق الأمر الاضطراریّ بموضوعه، فهو خارج عن محلّ الکلام.
فما هو مورد البحث والنزاع: هو أنّ الإتیان بفرد الطبیعة الناقص، مع کونه متعلّق الأمر واقعاً وحقیقة، ویکون واقعیّاً ثانویّاً، یکفی عن الواقعیّ الأوّلی، أم لا، فما یظهر من بعض من الإشکال بعدم الإجزاء؛ لأجل أنّ الاضطرار المسوّغ هو الاضطرار المستوعب، فهو فی غیر محلّه، کما أفاده المحقّق الوالد ـ مدّ ظلّه وأدام الله وجوده ، فالبحث هنا بعد فرض کون الموضوع محقّقاً، أو بعد تصدیقه فقهاً.
وممّا یشهد علیٰ ما عرفت : أنّ البحث فی هذا الموقف بعد الفراغ عن الموقف الأوّل، وکان المفروض هناک سقوط الأمر الاضطراریّ بمصداقه ومتعلّقه، فلاینبغی الخلط بین الجهات کما خلطوا.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 277