إیقاظ : فیه برهان علیٰ تعدّد الأمر
ولایخفیٰ علیک : أنّ الالتزام بالعصیان فی تفویت المائیّة، لایمکن إلاّ برجوعه إلیٰ عصیان الأمر النفسیّ، ولایکون الأمر المتوجّه إلی الطهارة نفسیّاً بالضرورة، فیکون الأمر بالطبیعة ساقطاً، ثمّ بعد عصیانه یوجد الأمر الآخر متوجّهاً إلیها مع الترابیّة، فقوله تعالیٰ: «فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَیَمَّمُوا صَعِیدَاً طَیِّبَاً» إشارة إلیٰ أنّه صلِّ مع المائیّة، وإن لم یوجد الماء، أو وجد واُریق، فصلّ مع الترابیّة فهناک أمران:
أحدهما : متوجّه إلی المطلوب الأعلیٰ.
وثانیهما : إلی الأدنیٰ بعد الاضطرار إلیه، وعدم التمکّن من الإتیان بالأوّل فافهم وتأمّل.
ثمّ إنّ الإشکال المتوجّه إلی الترتّب، لا یتوجّه إلیٰ هذه المسألة؛ لاختلاف وقتهما، فإنّ وقت المهمّ والأهمّ هناک واحد، بخلاف وقت الاضطراریّ والاختیاریّ.
هذا مع أنّ فقدان الماء فی أوّل الوقت، یستلزم ـ حسب الأدلّة ـ تعیّن الأمر وفعلیّته، فلا یکون شرطه عصیان الأهمّ، بخلاف باب الترتّب، فلاتخلط.
فالمحصول ممّا قدّمناه : أنّ الإجزاء لایکون إلاّ برفع الید عمّا هو المطلوب الأعلیٰ حفاظاً علی مصالح اُخر.
وأمّا دعویٰ : أنّه یمکن بالحکومة؛ بأن یکون دلیل الواقعیّ الثانویّ، متکفّلاً
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 284
لتنزیله منزلة الواقعیّ الأوّلی، فهی غیر مسموعة؛ لأنّ تلک الدعویٰ لاتکون إلاّ بعد سقوط الطلب الجدّی الأوّلی ثبوتاً، وهی کاشفة عنه إثباتاً.
وأمّا توهّم الإجزاء؛ لأجل استیفاء المصلحة الأعلیٰ بالاضطراریّة، فهو باطل؛ للزوم جواز تبدیل الحال اختیاراً. مع أنّ مفهوم الإجزاء شاهد علیٰ فرض أنّ المأتیّ به أقلّ ملاکاً من المطلوب الأوّلی.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 285