شبهة وحـلّ
ربّما یخطر بالبال: أنّ مفهوم قولهم «إن جاءک زید فأکرمه» «إن لم یجئ زید فالوجوب منتفٍ» ولایدلّ علی اعتبار عدم الوجوب، بل المستفاد منه انتهاء أمد الوجوب وشخصه عند عدم المجیء فاستفادة المفهوم المقصود فی المقام غیر ممکنة، فالنزاع غلط وغیر صحیح.
وربّما یؤیّد ذلک ما لو قال المولیٰ: «إن جاءک زید یجب إکرامه» فإنّه لایستفاد منه مفهوم إلاّ انتفاء الوجوب الثابت فی القضیّة الملفوظة، وهذا هو انتفاء شخص الحکم.
فالمفاهیم لا تدلّ إلاّ علی انتفاء شخص الحکم، الذی هو منفیّ بحکم العقل بالضرورة، فلا وجه لما تعارف فیه من النزاع، وأنّ المفهوم یفید انتفاء سنخ الحکم کما فی مفهوم المخالفة، فلاحظ وتدبّر.
أقول : تندفع الشبهة بالتدبّر فیما هو مدّعی القائل بالمفهوم؛ وهو أنّ المستفاد من المنطوق انحصار الحکم المستفاد من المنطوق بالموضوع المذکور فیه، أو انحصار علّة الحکم بما فی المنطوق، ونتیجة ذلک نفی سنخ الحکم قطعاً ولو کان مفاد الجملة المفهومیّة ـ حسب الاستظهار العرفیّ ـ نفیَ شخص الحکم إذا کانت تلک الجملة ملفوظة.
وبعبارة اُخریٰ: لایستند انتفاء سنخ الحکم إلیٰ ظاهر القضیّة المفهومیّة، وإلیٰ
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 12
مقتضیٰ أوضاع المفهوم، بل یستند انتفاء سنخ الحکم إلیٰ ماهو المستفاد بحسب الأوضاع والأحوال من المنطوق، وتلک القضیّة تابعة لهذه القضیّة، من غیر النظر إلیٰ مدالیلها الوضعیّة اللفظیّة؛ لعدم ذکر منها.
نعم، إذا کانت القضیّة الثانیة مذکورة أحیاناً فی الدلیل، وکانت ظاهرة فی أمر علیٰ خلاف ظهور المنطوق فی الحصر، فلنا دعویٰ تقدّم ظهور القضیّة الثانیة علی الاُولیٰ فی بعض الفروض، کما إذا کانت استفادة المفهوم مستندةً إلی الإطلاق مثلاً، وکانت القضیّة الثانیة التی هی مفهوم ظاهرة بالوضع فی عدم الحصر، فتدبّر.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 13