المقصد الرابع فی المفاهیـم

شبهة وحـلّ

شبهة وحـلّ

‏ ‏

‏ربّما یخطر بالبال: أنّ مفهوم قولهم «إن جاءک زید فأکرمه» «إن لم یجئ زید‏‎ ‎‏فالوجوب منتفٍ» ولایدلّ علی اعتبار عدم الوجوب، بل المستفاد منه انتهاء أمد‏‎ ‎‏الوجوب وشخصه عند عدم المجیء فاستفادة المفهوم المقصود فی المقام غیر‏‎ ‎‏ممکنة، فالنزاع غلط وغیر صحیح.‏

‏وربّما یؤیّد ذلک ما لو قال المولیٰ: «إن جاءک زید یجب إکرامه» فإنّه‏‎ ‎‏لایستفاد منه مفهوم إلاّ انتفاء الوجوب الثابت فی القضیّة الملفوظة، وهذا هو انتفاء‏‎ ‎‏شخص الحکم.‏

‏فالمفاهیم لا تدلّ إلاّ علی انتفاء شخص الحکم، الذی هو منفیّ بحکم العقل‏‎ ‎‏بالضرورة، فلا وجه لما تعارف فیه من النزاع، وأنّ المفهوم یفید انتفاء سنخ الحکم‏‎ ‎‏کما فی مفهوم المخالفة، فلاحظ وتدبّر.‏

أقول :‏ تندفع الشبهة بالتدبّر فیما هو مدّعی القائل بالمفهوم؛ وهو أنّ المستفاد‏‎ ‎‏من المنطوق انحصار الحکم المستفاد من المنطوق بالموضوع المذکور فیه، أو‏‎ ‎‏انحصار علّة الحکم بما فی المنطوق، ونتیجة ذلک نفی سنخ الحکم قطعاً ولو کان‏‎ ‎‏مفاد الجملة المفهومیّة ـ حسب الاستظهار العرفیّ ـ نفیَ شخص الحکم إذا کانت‏‎ ‎‏تلک الجملة ملفوظة.‏

وبعبارة اُخریٰ:‏ لایستند انتفاء سنخ الحکم إلیٰ ظاهر القضیّة المفهومیّة، وإلیٰ‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 12
‏مقتضیٰ أوضاع المفهوم، بل یستند انتفاء سنخ الحکم إلیٰ ماهو المستفاد بحسب‏‎ ‎‏الأوضاع والأحوال من المنطوق، وتلک القضیّة تابعة لهذه القضیّة، من غیر النظر إلیٰ‏‎ ‎‏مدالیلها الوضعیّة اللفظیّة؛ لعدم ذکر منها.‏

‏نعم، إذا کانت القضیّة الثانیة مذکورة أحیاناً فی الدلیل، وکانت ظاهرة فی أمر‏‎ ‎‏علیٰ خلاف ظهور المنطوق فی الحصر، فلنا دعویٰ تقدّم ظهور القضیّة الثانیة علی‏‎ ‎‏الاُولیٰ فی بعض الفروض، کما إذا کانت استفادة المفهوم مستندةً إلی الإطلاق مثلاً،‏‎ ‎‏وکانت القضیّة الثانیة التی هی مفهوم ظاهرة بالوضع فی عدم الحصر، فتدبّر.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 13