المقصد الرابع فی المفاهیـم

تذنیب : حول دلالة بعض الطوائف من القضایا الشرطیّة علی المفهوم

تذنیب : حول دلالة بعض الطوائف من القضایا الشرطیّة علی المفهوم

‏ ‏

‏قد عرفت منّا القول بالمفهوم فی بعض الطوائف من القضایا الشرطیّة‏‎ ‎‏الشرعیّة، وعلمت أنّ ذلک لایتقوّم بالقول بانحصار العلّیة وإن کان یستفاد منها‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 48
‏الحصر، إلاّ أنّ المفهوم لایستند إلیه ، بل هما معاً یستفادان من تلک القضیّة‏‎[1]‎‏.‏

‏فعلی هذا نقول : إنّ المنشأ فی التالی فی أمثال تلک القضایا التی لایتحمّل‏‎ ‎‏التالی تکرار الطبیعة منتفٍ، سواء کان آلة الإنشاء معانی اسمیّة، أو حرفیّة، فیکون‏‎ ‎‏المنشأ کلّیاً أو شخصیّاً.‏

مثلاً :‏ إذا ورد «إن جاءک زید اقتله» وقلنا إنّ المستفاد منه أنّ کلَّما جاء زید،‏‎ ‎‏وکلَّما تحقّق مجیء زید، یتحقّق لزوم قتله، فإنّ المفهوم ثابت، ولاتکون الخصوصیّة‏‎ ‎‏الاُخریٰ مقتضیة للوجوب المزبور ولو کان شخصیّاً، فلو اُرید إثبات وجوب القتل‏‎ ‎‏عند خصوصیّة اُخریٰ، فهو منفیّ بالمفهوم؛ لما یلزم استناد التالی ـ حسب الظاهر‏‎ ‎‏الثابت عرفاً ـ إلیٰ غیر المقدّم فی فرض، مع أنّ الظاهر من القضیّة ثبوت الاستناد فی‏‎ ‎‏جمیع الفروض.‏

‏وهذا معناه حصر العلّیة بالمجیء، إلاّ أنّ المفهوم دائر مدار ثبوت الإطلاق‏‎ ‎‏الأزمانیّ والأفرادیّ، کما فی قوله ‏‏علیه السلام‏‏: ‏«إذا کان الماء قدر کرّ لاینجّسه شیء»‎ ‎‏فلاحظ وتدبّر جیّداً.‏

الثالثة :‏ لا شبهة فی سقوط الخلاف إذا کان الحکم فی المفهوم، منتفیاً بانتفاء‏‎ ‎‏الموضوع کما مرّ‏‎[2]‎‏، وأمّا إذا کان الموضوع قابلاً للوجود؛ بحیث لایکون موضوعاً‏‎ ‎‏للمنطوق، ولکن یخرج المفهوم عن السالبة بانتفاء الموضوع، فهل حینئذٍ یثبت‏‎ ‎‏المفهوم أیضاً، أم لا؟‏

مثلاً :‏ إذا ورد «إن جاءک زید فاستقبله» فإنّ مفاد المنطوق وجوب الاستقبال‏‎ ‎‏عند المجیء الاختیاریّ فرضاً، فإذا لم یجئ فلایعقل الاستقبال، ولکن یمکن‏‎ ‎‏إحضاره ومجیئه بإکراه، وعندئذٍ یحصل موضوع المفهوم؛ لإمکان استقباله، فهل‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 49
‏قضیّة المفهوم هنا أیضاً نفی وجوب الاستقبال، أم لا وتکون القضیّة بلا مفهوم، کما‏‎ ‎‏کانت من الأوّل؟ وجهان:‏

‏من أنّ دلیل المفهوم لایقصر عن شمولها بعد ذلک.‏

‏ومن أنّ مقدّمات الإطلاق مشکوک جریانها فی هذه الصورة، وکانت القضیّة‏‎ ‎‏فی عدم جریان تلک المقدّمات مثل القضایا السالبة بانتفاء الموضوع، فلاحظ وتدبّر‏‎ ‎‏جیّداً.‏

الرابعة :‏ فی مفهوم قولک «إن جاء زید یجب إکرامه» احتمالان:‏

أحدهما :‏ کون الموضوع مفروض الوجود ، وهذا ممّا لا کلام فیه.‏

وثانیهما :‏ کون القضیّة السالبة أعمّ، فهل یثبت المفهوم عند وجود الموضوع،‏‎ ‎‏أم لا؟ وجهان.‏

ودعویٰ :‏ أنّ الفرار من اللغویّة یقتضی الحکم بالمفهوم، وأنّ الموضوع‏‎ ‎‏مفروض الوجود‏‎[3]‎‏، غیر تامّة؛ لإمکان کون القرینة علیٰ عدم فرض الموضوع،‏‎ ‎‏شاهداً علیٰ عدم المفهوم رأساً، فلا داعی إلی الإقرار بالمفهوم أوّلاً حتّیٰ یتشبّث‏‎ ‎‏بذیل اللغویّة، فتدبّر.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 50

  • ))تقدّم فی الصفحة 39 ـ 40 .
  • ))تقدّم فی الصفحة 42 .
  • ))لاحظ نهایة الاُصول : 296 .