الأمر الرابع : فی اعتبار الوحدة الجنسیّة والنوعیّة دون الشخصیّة والاعتباریّة فی السبب والمسبّب
قد عرفت : أنّ موضوع البحث فی المسألة الاُولیٰ هو ما إذا تعدّد السبب، فلابدّ وأن یکون السبب قابلاً للتعدّد النوعیّ أو الشخصیّ، کما فی الأمثلة المزبورة، وأمّا إذا لم یکن قابلاً لذلک ـ کما اُشیر إلیه ـ فلایکون هو مندرجاً فی هذه المسألة.
وهکذا إذا فرض أنّ السبب المجعول فی القضیّة هو صِرْف وجوده؛ وطبیعیّ ناقض العدم، وبتعبیر آخر أوّل وجود الطبیعة، فإنّه أیضاً خارج من محطّ النزاع حکماً؛ وإن کان قابلاً للتعدّد عقلاً، فلو کان موضوع صلاة الآیة صِرْف وجود الکسوف والزلزلة، فهو خارج عن محطّ الکلام. هذا فی المسألة الاُولیٰ.
وهکذا فی المسألة الثانیة : وهی أنّ تداخل المسبّبات یکون فی مورد یمکن تعدّدها خارجاً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 78
وبعبارة اُخریٰ : یکون عنوان البحث هکذا «إذا تعدّد السبب هل یتعدّد المسبّب، أم لا؟» مع کونه واحداً جنساً أو نوعاً، وأمّا إذا کان واحداً شخصاً فلا معنیٰ للبحث عن التعدّد، فلو ورد «إن قتل زید عمراً فیقتل» و «إن ارتدّ یقتل» فالبحث عن تداخل المسبّبات بلا وجه؛ لأنّ الوحدة المأخوذة فی محلّ النزاع هی وحدة نوعیّة أو جنسیّة، دون الوحدة الشخصیّة.
وغیرخفیّ : أنّه یلحق بالوحدة الشخصیّة فی الخروج عن محطّ النزاع الوحدة الاعتباریّة، کما إذا اعتبر فی الجزاء صِرْف الوجود الذی یرجع إلیٰ عدم صدقه علی الکثیر وإن وجد دفعة؛ باعتبار أنّ الصرف ما لا یقبل التکرار طولاً، ولا عرضاً.
وربّما یقال : إنّ الوحدة الشخصیّة فی المسبّب لاتضرّ بالنزاع فی المسألة الاُولیٰ؛ لإمکان الالتزام بتعدّد الوجوب حسب تعدّد السبب، ولکن لمکان توحّد المسبّب شخصاً یحمل الوجوب علی التأکّد، فإن تقدّم أحدالسببین علی الآخر یکون الوجوب المتأخّر مؤکّداً، وإلاّ ففی صورة التقارن یحدث الوجوب الواحد المتأکّد.
وتظهر ثمرة ذلک فی أنّ مخالفة هذا النحو من التکلیف الوجوبیّ ربّما تکون من الکبائر، أو تعدّ من الإصرار أحیاناً، فما عن العلاّمة النائینیّ هنا، فی غیر محلّه.
فبالجملة : بحسب التصوّر لایضرّ الوحدة الشخصیّة فی ناحیة المسبّب بالنزاع فی المسألة الاُولیٰ، بخلاف المسألة الثانیة.
ومن العجیب ما أفاده العلاّمة النائینیّ رحمه الله من التفصیل فی الوحدات الشخصیّة بما لایرجع إلی محصّل، ویکون خارجاً عن محطّ الخلاف والکلام!!
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 79
وقد تعرّض لکلامه مع جوابه «تهذیب الاُصول» فراجع.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 80