الأمر السابع : حول الأقوال والاحتمالات فی المسألة
الأقوال فی المسألة حسبما قیل خمسة، والمعروف منها ثلاثة:
فالمنسوب إلی المشهور عدم التداخل فی المسألتین.
ونسب إلیٰ جمع وفیهم العلاّمة الخونساریّ قدس سره التداخل، ونتیجة التداخل فی الأسباب هو التداخل فی المسبّبات أیضاً، کما هو الواضح.
وعن الحلّیّ رحمه الله التفصیل بین ما إذا تعدّدت الأسباب نوعاً أو جنساً، فقال فیه بعدمه، وما إذا تعدّدت شخصاً فقال فیه بالتداخل.
وهنا احتمالان آخران :
أحدهما : التداخل فی المسألة الاُولی، وعلیٰ تقدیر عدم التداخل یتعیّن التداخل فی المسألة الثانیة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 82
وثانیهما : التفصیل بین حکم العقل والعرف فتأمّل.
وهنا احتمال ثالث: وهو التفصیل بین ما إذا تقارنا فیکونان سبباً واحداً، وإذا لم یتقارنا یکون کلّ واحد سبباً مستقلاًّ.
والذی هو التحقیق : أنّ ما یقتضیه عنوان المسألة هو أنّ مع تعدّد الشرط، واتحاد الجزاء ثبوتاً وواقعاً، هل یلزم من تعدّد الشرط والسبب تعدّد الوجوب والمسبّب فی مرحلة الإنشاء، أم لا؟
وما تقتضیه أدلّة المتخاصمین وکیفیّة استدلالهم؛ هو أنّ تعدّد الشرط واتحاد الجزاء صورةً وظاهراً، هل یقتضی التصرّف فی ناحیة الشرط لجعل السببین سبباً واحداً فی التأثیر والسببیّة، أو التصرّف فی وحدة المسبّب؛ بجعل المسبّب کثیراً ومتکثّراً بدخول القید علیه، وتعنونه بعنوان «الشرط» أو بعنوان آخر.
وحیث إنّهم خلطوا فی المقام ـ حسبما یستظهر من مختلف عباراتهم، مع إمکان البحث عن المسألتین مستقلاًّ، ویختلف فیهما النظر أحیاناً، فتکون الأقوال غیر واردة علیٰ مسألة واحدة ـ لابدّ من عقد البحث هنا فی مسائل مختلفة حتّیٰ یتّضح حقیقة الأمر؛ وإن کان الظاهر أنّهم مختلفون فی المسألة الثانیة فی تداخل الأسباب والمسبّبات، فلاتخلط.
ودعویٰ : أنّ المسألة الاُولیٰ واضحة؛ ضرورة مع وحدة الجزاء ثبوتاً وواقعاً یتعیّن تداخل الأسباب، ولو فرض تعدّد المسبّب والحکم یتعیّن تداخل المسبّبات؛ لأنّ الإجزاء قهریّ، غیر صحیحة کما یأتی.
نعم، لیست المسألة الاُولیٰ مثل الثانیة فی الخلاف، والأمر ـ بعد ذلک ـ سهل جدّاً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 83