المقصد الرابع فی المفاهیـم

الجهة الثانیة : فی المسبّبات

الجهة الثانیة : فی المسبّبات

‏ ‏

‏لو فرضنا إمکان صدور الأمر الثانی تأسیساً، وإمکان کونهما فی حال‏‎ ‎‏المقارنة مستقلّین، فلا شبهة فی تداخل المسبّبات؛ ضرورة أنّ تمام ماهو المأموربه‏‎ ‎‏بالأمر الثانی عین الأوّل، فإذا امتثله المکلّف فقد أطاع عن الأمرین، وامتثل‏‎ ‎‏التکلیفین.‏

مثلاً :‏ إذا أمر الأب بالتصدّق علیٰ زید بدرهم عند مجیئه، وأمرت الاُمّ‏‎ ‎‏بالتصدّق علیه بدرهم عند صلاته مثلاً، فإنّه یتوجّه إلی الابن أمران تأسیّسیان،‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 88
‏ویکفی الامتثال الواحد وإعطاء زید درهماً بالضرورة؛ لأنّه تمام ما یطلبه الأب والاُمّ.‏

‏نعم، إن قلنا : بأنّ الإجزاء اختیاریّ فی أمثال المقام أیضاً، کما صوّرناه فی‏‎ ‎‏مثل الصلاة المعادة وصلاة الآیات؛ قضاءً لحقّ الأدلّة النافذة لهذا الاعتبار العرفیّ‏‎[1]‎‏،‏‎ ‎‏فیمکن أن یقال بإمکان بقاء الأمر الثانی أو الأوّل بعد الامتثال، ولکنّه خارج عن‏‎ ‎‏البحث هنا؛ وهو مسألة إمکان الاکتفاء بالامتثال الواحد وعدمه.‏

‏ثمّ إنّ من الممکن دعویٰ عدم حصول الامتثال فی التعبّدیات إلاّ بقصد الأمر،‏‎ ‎‏فلو امتثل مرّة بقصد الأمر المعیّن، فلا یتحقّق الامتثال بالنسبة إلی الأمر الثانی.‏

‏ولکنّه مضافاً إلیٰ عدم تمامیّة الکبریٰ ، خارج أیضاً عن المقصود بالبحث کما‏‎ ‎‏اُشیر إلیه؛ وهو إمکان الامتثال بالواحد عن الاثنین.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال : إنّ عبادیّة کلّ واحد من الأمرین تقتضی أن یمتثل مستقلاًّ،‏‎ ‎‏وقصدهما معاً یضرّ بکلّ واحد منهما؛ للزوم کونه منبعثاً عن الأمر علیٰ سبیل‏‎ ‎‏الجزئیّة، وهو غیر صحیح؛ لأنّ الشرط هو الانبعاث من کلّ واحد من الأمرین علیٰ‏‎ ‎‏سبیل العلّیة التامّة، وعلیٰ هذا لابدّ من تکرار الامتثال حتّیٰ یکون مجزیاً عن کلّ‏‎ ‎‏واحد من الأمرین، فتأمّل جیّداً، والمسألة واضحة فی محلّها‏‎[2]‎‏.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 89

  • ))تقدّم فی الجزء الثانی : 270 ـ 273 .
  • ))تقدّم فی الجزء الثانی : 257 ـ 259 .