الجهة الثالثة : حول تعدّد المسبّب وعدمه
بناءً علیٰ تعدّد السبب والمسبّب، فهل یتداخل المسبّب، أم لا، أو یفصّل بین ما إذا تعدّد السبب شخصیّاً، وما لو تعدّد نوعیّاً؟
والکلام یقع فی مقامات :
المقام الأوّل : فی مرحلة الثبوت، وأنّه هل یعقل الالتزام بالتداخل، أم لا؟
والمقام الثانی : فی أنّه بعد الفراغ من إمکان التداخل، هل یقتضی القواعد الأوّلیة جوازه، أم لا؟
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 112
والمقام الثالث : فی أنّه بعد الفراغ من عدم جواز التداخل والامتثال مرّة واحدة، فهل هناک دلیل علی التداخل، أم لا؟
وقبل الخوض فی هذه المقامات لابدّ من تقدیم مقدّمة: وهی أنّ تقیید الجزاء فیما یتعدّد السبب نوعاً، ویکون الجزاء ممّا لایکون له الموضوع، بل الجزاء مشتملاً علی الحکم والمتعلّق کما فی الأغسال وأمثالها، ممکن وواضح، ویکون نتیجة التقیید تباین الجزاءین، فإنّ غسل الجمعة والجنابة بعد التقیید متباینان بالضرورة، ولا یتصوّر هنا التقیید علیٰ وجه تکون النسبة عموماً من وجه.
وإذا تعدّد السبب شخصیّاً یکون تقیید الجزاء علیٰ سبیل آخر، فیکون الغسل متقیّداً بالجنابة الاُولیٰ والثانیة، أو یتقیّد الوضوء بالمرّة والمرّة الثانیة، أو الفرد الثانی مریداً بذلک عنوان الفرد، لا الفرد الخارجیّ کما لایخفیٰ. وأمّا إذا کان للجزاء موضوع زائد علی المتعلّق، کما فی قولک: «إن ظاهرت فأعتق رقبة» و «إن أفطرت أعتق رقبة» فإنّه کما یمکن تقییدهما علیٰ وجه تکون النسبة بینهما عموماً مطلقاً، یمکن تقییدهما علیٰ وجه تکون النسبة بینهما العموم من وجه.
وبعبارة اُخریٰ : کما یمکن أن یقیّد بقولک : «أعتق الرقبة الهاشمیّة» و«الرقبة العالمة» یمکن أن یقیّد بالقرشیّة وغیر القرشیّة وهکذا.
وأمّا إمکان تقیید الطائفة الاُولیٰ علیٰ وجه تکون النسبة عموماً مطلقاً، فهو محلّ الخلاف، وهکذا الطائفة الثانیة والمحرّر منّا فی محلّه امتناعه؛ لأنّه کما یمتنع تعدّد الوجوب التأسیسیّ مع وحدة المتعلّق، کذلک فی هذه الصورة، کما لایخفیٰ وجهه، ومرّ تفصیله فی بحوث الضدّ واجتماع الأمر والنهی.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 113