المقصد الرابع فی المفاهیـم

المقام الثانی : فی مقتضی القواعد الأوّلیّة بعد إمکان التداخل عقلاً

المقام الثانی : فی مقتضی القواعد الأوّلیّة بعد إمکان التداخل عقلاً

‏ ‏

‏لاشبهة فی عدم التداخل فی مرحلة الإثبات إذا کان تقیید الجزاء علیٰ نعت‏‎ ‎‏التباین؛ بحیث کان الوضوء المسبّب عن البول بحسب الخصوصیّة الخارجیّة من‏‎ ‎‏الأجزاء أو الترتیب، غیرَ الوضوء المسبّب عن البول الآخر أو النوم؛ لامتناع کون‏‎ ‎‏هذا مسقطاً لأمر آخر متعلّق بشیء آخر وإن کان بحسب الاسم والطبیعة واحداً‏‎ ‎‏عرفاً، کما لایعقل إجزاء صلاة المغرب عن العشاء، وهذا واضح.‏

‏وهکذا إذا کان القید الوارد علی الجزاء قیداً ذهنیّاً، کعنوان «غسل الجمعة»‏‎ ‎‏و«الجنابة» وأمثالهما ممّا لایرتبط بطبیعة الجزاء بحسب الأجزاء الخارجیّة، وکان‏‎ ‎‏المکلّف یرید حین الغسل القید المزبور الذهنیّ، من غیر قصد قید آخر، فإنّه أیضاً لا‏‎ ‎‏معنیٰ لصحّة الاجتزاء به عن الآخر بالضرورة.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 117
‏وإنّما الإشکال فیما إذا قصد القیود الذهنیّة الواردة علی الطبیعة، کما إذا قصد‏‎ ‎‏حین الغسل الجمعة والجنابة ومسّ المیت والزیارة وهکذا، أو القیودَ الذهنیّة الواردة‏‎ ‎‏علیٰ طبیعة الجزاء فیما یکون السبب متعدّداً بالشخص، فإنّه ربّما یمکن أن یقال‏‎ ‎‏بالتداخل؛ وذلک لأنّ المکلّف یتمکّن من أن یجیب عن کلّ أمر، فإنّ أمر ‏«اغتسل‎ ‎للجمعة» ‏لایدعو إلاّ إلیٰ طبیعة الغسل مع قصد، وهو قد امتثله، وهکذا سائر الأوامر.‏‎ ‎‏هذا إذا تعدّد السبب نوعاً واضح.‏

‏نعم، إذا تعدّد السبب شخصاً فیمکن دعویٰ: أنّ کلّ فرد من السبب یدعو إلیٰ‏‎ ‎‏فرد من طبیعة الجزاء، وهو لایحصل إلاّ بتکرار الوضوء بحسب الخارج.‏

وبالجملة :‏ لایبعد دعویٰ جواز التداخل فی صورة تعدّد السبب نوعاً؛ لما أنّه‏‎ ‎‏لایکون الجزاء إلاّ نفس الطبیعة المتقیّدة، وقد امتثل المکلّف أمرها، وأمّا فی صورة‏‎ ‎‏تعدّد السبب شخصاً فلابدّ من تعدّد المسبب شخصاً، وهو لایعقل إلاّ بتعدّد المصداق‏‎ ‎‏الخارجیّ، ولایکفی المصداق الواحد، فلیتأمّل جیّداً. هذا کلّه فیما کان تقیید الجزاء‏‎ ‎‏علیٰ نعت التباین.‏

‏وفیما إذا کان علیٰ نعت العموم من وجه وغیر التباین ‏فتارة :‏ یتکلّم عن جواز‏‎ ‎‏هذا النحو من التقیید. ‏واُخریٰ :‏ فی تداخل المسبّبات.‏

‏أمّا فی جوازه فالظاهر ذلک؛ لأنّه لا دلیل علیٰ لزوم کون القید الوارد علی‏‎ ‎‏الجزاء فی مثل : «إذا أفطرت أعتق رقبة» و«إذا ظاهرت أعتق رقبة» موجباً لتباین‏‎ ‎‏الجزاءین؛ لأنّ وجه التقیید هو العقل، وهو لایقتضی أزید من ذلک.‏

‏وأمّا فی تداخلها، فالتفصیل الذی عرفت منّا هناک یأتی هنا؛ وهو ما إذا‏‎ ‎‏تعدّد السبب نوعاً، فلایقتضی کلّ سبب إلاّ طبیعة عتق الرقبة الهاشمیّة، وطبیعةَ عتق‏‎ ‎‏الرقبة العالمة، وفی صورة التصادق علیٰ واحدة یلزم سقوط الأمرین؛ لتمامیة‏‎ ‎‏الجواب بالضرورة.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 118
‏نعم، إذا کان القید موجباً لتباینهما بحسب الخارج، فیکون أحدهما أبیض،‏‎ ‎‏والآخر أسود فلایمکن، کما هو الظاهر.‏

‏وإذا تعدّد السبب شخصاً فلابدّ من القول بعدم التداخل؛ قضاءً لحقّ اقتضاء‏‎ ‎‏کلّ مصداق من السبب مصداقاً من المسبّب والجزاء؛ ولو کان ذلک مصداقاً عنوانیّاً،‏‎ ‎‏فلیتأمّل جیّداً، فإنّه جدیر به.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 119