وهم ودفع : حول سقوط البحث هنا بناءً علی إشکال الرضیّ علی الاستثناء
حکی عن نجم الأئمّة رحمه الله أنّه استشکل فی «إلاّ» التی للاستثناء من الحکم السابق إخباریّاً کان أو إنشائیّاً: بأنّ فی ذلک نوع مناقضة فی الکلام، فإنّه کیف یعقل إثبات الحکم ثمّ رفعه، أو رفع الحکم ثمّ إثباته؟! فلا تکون لفظة «إلاّ» إلاّ بمعنیٰ «غیر» ولایستثنیٰ من الحکم شیء، بل هو من قیود الموضوع، فکما إذا قیل: «العلماء إلاّ الفسّاق کذا» لیس هو استثناء من الحکم، بل هو قید الموضوع، کذلک فیما إذا تأخّر عن الحکم.
فعلیٰ هذا یسقط البحث هنا؛ لأنّ استفادة الحصر ـ حسبما تحرّر ـ منوطة بکون الجملة الاستثنائیّة مشتملة علیٰ «إلاّ» التی للاستثناء من الحکم الثابت للمستثنیٰ منه، وإذا صحّ ذلک فلایبقیٰ محلّ للبحث المزبور.
أقول : الخلط بین الأحکام الإنشائیّة والإرادات الاستعمالیّة، وبین الأحکام الجدّیة والإرادات الواقعیّة، أوجب الوهم المزبور؛ ضرورة أنّ فی قولک: «جاءنی القوم إلاّ زیداً» إخباراً حقیقیّاً واستعمالیّاً، وما هو یشمل المستثنیٰ هو الثانی دون الأوّل.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 165
إن قلت : لایعقل الاستثناء المطلق؛ وذلک لأنّ الحکم الإنشائیّ والإرادة الاستعمالیّة باقیة علیٰ حالها بعد الاستثناء، وأمّا الحکم الواقعیّ والإرادة الجدّیة فهی غیر شاملة من الأوّل، فلایتعقّل حقیقة الاستثناء لأجل ذلک، لا لأجل ما یستظهر من ظاهر عبارة نجم الأئمّة رحمه الله.
قلت : هذا السنخ من الشبهة والإشکال، متوجّه إلیٰ حدیث الرفع والاستثناء بالمنفصل، والجواب الجواب، فإنّ المقصود منه واضح؛ وهو أنّه لولا کلمة الاستثناء ـ متصلة کانت، أو منفصلة ـ کان مقتضیٰ أصالة الجدّ والتطابق وجوب إکرام الکلّ، فالاستثناء فی الحقیقة معناه أنّه لولاه لکان المستثنیٰ منه یشمل مورد الاستثناء، وأمّا الاستثناء الحقیقیّ فهو من النسخ، بل هو غیر معلول، ولعلّ إلیه یرجع نظره قدس سرهفافهم واغتنم.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 166