المقصد الرابع فی المفاهیـم

بحث وتحصیل : فی بیان منشأ دلالة الاستثناء علی المفهوم

بحث وتحصیل : فی بیان منشأ دلالة الاستثناء علی المفهوم

‏ ‏

‏هل استفادة المفهوم مستندة إلی الوضع أو غیره، وعلی الأوّل فهل یستند إلیٰ‏‎ ‎‏کلمة «ما» و «إلاّ» مجموعاً، أم یستند إلیٰ «إلاّ» ؟ وجوه.‏

‏یمکن أن یقال: إنّه مستند إلی الوضع؛ بمعنیٰ أنّ أداة الاستثناء وإن لم تکن‏‎ ‎‏موضوعة إلاّ لإخراج المستثنیٰ من المستثنیٰ منه حکماً فی الاستثناء المتّصل، إلاّ أنّ‏‎ ‎‏لازمه البیّن سلب الحکم المزبور عن المستثنیٰ ، وهذا وأمثاله یعدّ من الدلالات‏‎ ‎‏الالتزامیّة الوضعیّة، وإن کان بحسب التحقیق هو من تبعات المعنیٰ، فیکون جزء‏‎ ‎‏الموضوع له علیٰ وجه خارج، کما تحرّر فی محلّه‏‎[1]‎‏.‏

وبالجملة :‏ دعوی الانسباق الذهنیّ من الجملة مجموعاً والانصراف‏‎[2]‎‏، غیر‏‎ ‎‏تامّة؛ لأنّ ذلک خلاف تمسّکهم بالتبادر وبتصریح أهل الفن‏‎[3]‎‏، فالأظهر أنّ کلمة‏‎ ‎‏«إلاّ» من غیر دخالة کلمة اُخریٰ فی ذلک تدلّ ـ بوجه اُشیر إلیه ـ علی الإخراج‏‎ ‎‏وانتفاء الحکم الثابت فی المستثنیٰ منه.‏

‏نعم، إذا کانت الجملة المستثنی منها سلبیّة فهی أیضاً لاتدلّ إلاّ علیٰ إخراج‏‎ ‎‏المستثنیٰ من المستثنیٰ منه حکماً، ولازم ذلک أیضاً إثبات الحکم لما بعدها، وتصیر‏‎ ‎‏النتیجة بعد ذلک ثبوت الحکم المضادّ للأوّل.‏

وبالجملة تحصّل :‏ أنّ فی منشأ الفهم المزبور احتمالات ووجوهاً؛ من کونه‏‎ ‎‏الوضع، أو مقدّمات الإطلاق؛ بمعنی أنّ للمتکلّم أن یکون فی مقام الإخراج فقط،‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 168
‏ویکون بالنسبة إلی المستثنیٰ مهمِلاً، فیکون الحکم من هذه الناحیة علی_' وجه الإهمال.‏

‏ولکن لو کان الأمر کذلک ، لکان تسمع دعواه فی المحاکم العرفیّة، فیما إذا‏‎ ‎‏قال: «لیس لزید علیّ دراهم إلاّ درهم» فیعلم منه أنّ الأمر لایستند إلیٰ مقدّمات‏‎ ‎‏الإطلاق أیضاً، فیکون المستند هو الوضع.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ مفاد «إلاّ» لیس إلاّ الإخراج من المستثنیٰ منه حکماً،‏‎ ‎‏وهذا هو تمام المعنی الموضوع له، وأمّا إثبات الحکم المخالف لمدخولها، فهو لازم‏‎ ‎‏کون الحکم محصوراً بالموضوع، ومخصوصاً بالمستثنیٰ منه بعد الاستثناء، ولأجله‏‎ ‎‏ینتفی الحکم عمّا بعدها.‏

وبعبارة اُخریٰ :‏ لو کان المستثنیٰ مستنداً إلیٰ کلمة «إلاّ» وضعاً لکان ذلک من‏‎ ‎‏المنطوق، لا المفهوم، وهو خلاف ما علیه الاُصولیّون‏‎[4]‎‏، وعلیه فیکون الحکم الثانی‏‎ ‎‏مستنداً إلی استفادة حصر الحکم الأوّل بالمستثنیٰ منه بعد الاستثناء، وعندئذٍ یثبت‏‎ ‎‏المفهوم، ولایستند إلی الوضع أیضاً، فلیتدبّر جیّداً.‏

‏وبناءً علیٰ هذا ما اشتهر فی کلمات النحاة : «من أنّ الاستثناء من الإیجاب‏‎ ‎‏نفی وبالعکس» فی محلّه؛ لعدم ظهور ذلک فی دلالة أداة الاستثناء وضعاً علیه،‏‎ ‎‏ولنعم ما قالوا: «إنّ نصب المستثنیٰ لیس بفعل مقدّر یدلّ علیه الفعل السابق»‏‎[5]‎‎ ‎‏خلافاً لبعض النحاة‏‎[6]‎‏، وهذا شاهد علیٰ أنّ الجمهور منهم علیٰ «أنّ الاستثناء من‏‎ ‎‏الإیجاب نفی وبالعکس» قاعدة مستخرجة من المنطوق والمفهوم معاً، لا المنطوق‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 169
‏المحض، فلیتدبّر واغتنم.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 170

  • ))تقدّم فی الصفحة 4 ـ 8 .
  • ))کفایة الاُصول : 247 ـ 248 .
  • ))مطارح الأنظار : 187 / السطر 29، درر الفوائد، المحقّق الحائری : 205 ـ 206 .
  • ))الفصول الغرویّة: 154 / السطر 27، مطارح الأنظار: 188 / السطر 13 ـ 15، فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 2 : 505 ـ 506 .
  • ))شرح الکافیة 1 : 226 / السطر 13 .
  • ))هو الزجّاج، لاحظ البهجة المرضیّة: 110 / السطر 4 .