المقصد الرابع فی المفاهیـم

بقی شیء : حول دلالة «لا صلاة إلاّ بطهور» علی الحصر الإضافی

بقی شیء : حول دلالة «لا صلاة إلاّ بطهور» علی الحصر الإضافی

‏ ‏

یمکن دعویٰ:‏ أنّ هذه العبارات تفید الحصر الإضافیّ والحیثیّ من أوّل الأمر،‏‎ ‎‏ولا تکون فی مقام بیان إفادة الحصر الحقیقیّ، فیکون المقصود منها: أنّ الصلاة‏‎ ‎‏لیست صحیحة إلاّ بالطهور، وأمّا أنّها تصیر صحیحة بالفعل بالطهور المحض، فهی‏‎ ‎‏ساکتة عنه، وغیر ناظرة إلیه‏‎[1]‎‏.‏

وفیه :‏ أنّک قد عرفت أنّ استفادة الحصر مستند إلیٰ إخراج المستثنیٰ من‏‎ ‎‏المستثنیٰ منه حکماً، وهذا یرجع إلی الوضع من غیر حاجة إلیٰ مقدّمات الإطلاق،‏‎ ‎‏ولایسمع فی المحاکم الدعوی المنتهیـة إلیٰ أنّه کان یرید فی کلامه الإهمالَ، ولیس‏‎ ‎‏هذا إلاّ لأجل اللغة والوضع واقتضاء الاُصول الأوّلیّة الأدبیّة‏‎[2]‎‏.‏

ورابعاً :‏ لایجوز صرف النظر عن اللغة واتفاق أهل الأدب والوجدان والتبادر‏‎ ‎‏بالروایة، بل لو فرضنا دلالة الروایة علیٰ خلاف ما ذکر فتحمل أو تطرح، لما‏‎ ‎‏یستکشف حینئذٍ قصور فی السند، وتعدّ من الإسرائیلیّات التی اُرید فیها تضییع‏‎ ‎‏حقوقهم ‏‏علیهم السلام‏‏ فما صنعه الرجل بعید عن الواقع بمراحل.‏

ومن هنا یظهر :‏ أنّ التمسّک بکلمة الإخلاص‏‎[3]‎‏ إن کان استدلالاً، ففی غیر‏‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 173
‏محلّه، نعم لابأس بالتأیید، فلو فرضنا قصور الأدلّة عن إثبات الحصر فلایکشف بها‏‎ ‎‏ذلک فی محلّ النزاع؛ ضرورة أنّ ظهور الکلمة الشریفة فی الإقرار بالتوحید، ربّما‏‎ ‎‏یکون مستنداً إلی الجهات الخارجیّة، کما هو المعلوم.‏

‏وأمّا ما فی «تهذیب الاُصول» : «من أنّ النظر فی الکلمة الشریفة إلیٰ نفی‏‎ ‎‏استحقاق غیره تعالیٰ للعبودیّة فقط، من دون الإقرار فی جانب المستثنیٰ»‏‎[4]‎‏ فغیر‏‎ ‎‏معلوم مقصوده ـ مدّظلّه ویظهر منه التهافت.‏

وبالجملة :‏ لاشبهة فی أنّ الإقرار بهذه الکلمة إقرار بالتوحید إجمالاً، ولیس‏‎ ‎‏ذلک إلاّ لأجل دلالة «إلاّ» علی الحصر علی الوجه المحرّر‏‎[5]‎‏. ولکن الاستدلال فی‏‎ ‎‏غیر محلّه؛ ضرورة أنّ خصوصیّات اللغات والمسائل العرفیّة، لاتتّخذ من الشرائع‏‎ ‎‏الإلهیّة إلاّ برجوعها إلی التعبّد والتدیّن.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 174

  • ))مطارح الأنظار : 187 / السطر 28 .
  • ))تقدّم فی الصفحة 168 ـ 169 .
  • ))المحصول فی علم اُصول الفقه 1 : 411 ـ 412، مطارح الأنظار: 187 / السطر 29 ـ 30.
  • ))تهذیب الاُصول 1 : 458 .
  • ))تقدّم فی الصفحة 168 ـ 169 .