المبحث الرابع فی وجوب الفحص عن المخصّص
قد اشتهر البحث عن وجوب الفحص عن المخصّص، واختلفوا فیه علیٰ أقوال؛ فقد حکی عن بعض العامّة جواز التمسّک بالعمومات قبل الفحص، ویستظهر ذلک من حواشی العلاّمة الإیروانیّ قدس سره وکأنّه یرید المناقشة فی المسألة حسب الصناعة.
والمعروف المشهور المدّعی_' علیه الإجماع؛ عدم الجوازووجوب الفحص.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 281
وربّما یقال بالتفصیل بین المخصّص المتصل والمنفصل، فیجب فی الثانی، دون الأوّل، وهذا هو ظاهر «الکفایة» ولأحد أن یدّعی عکسه.
وحیث إنّ الإجماع المزبور حادث؛ لما قیل: «من أنّ المسألة من المسائل التی عنونها أبو العباس بن سریج المتوفّیٰ أوائل القرن الرابع» فلا خیر فی ذلک الاتفاق المستدلّ به فی المقام، ولابدّ من النظر إلی مقتضی الصناعة والبناءات العرفیّة والعقلائیّة.
ثمّ اعلم : أنّ البحث عن وجوب الفحص کثیر الدور فی أدوار الاُصول، فتارة: یبحث عنه فی البراءة والاشتغال، واُخریٰ: فی بحث التعادل والترجیح، وثالثة: هنا، ورابعة: فیما مرّ منّا فی البحث السابق، وأیضاً لابدّ من البحث عنه فی مباحث حجّیة الظواهر، ولا وجه للبحث الکلّی عنه فی المقام؛ لإمکان اختلافهم فی الجهة المبحوث عنها کما تریٰ.
نعم، لایختصّ البحث هنا بالفحص عن المخصّص، بل هو أعمّ منه ومن المقیِّد والحاکم والوارد، وأیضاً أعمّ منها ومن القرائن الموجبة لصرف الظهور البدویّ إلی الظهور المستقرّ؛ من المتّصلة، أو المنفصلة وغیر ذلک.
وبالجملة : البحث هنا ممحّض حول البحث عن الفحص فی الاُصول اللفظیّة ومعارضاتها المحتملة، لا علیٰ وجه التباین، ولکن لابأس بذلک هنا أیضاً؛ لوحدة الملاک والمناط، وما رأیت أحداً یفصّل بین المقامین، فتدبّر.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 282
وغیر خفیّ : أنّ هذا البحث یقع فی محلّه بناءً علیٰ ماهو التحقیق فی المسألة الآتیة؛ من عدم اختصاص القوانین الکلّیة والخطابات العامّة بالمشافهین والحاضرین وقت النداء، وإلاّ فلا مورد له کما تریٰ.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 283