المقصد السادس فی المطلق والمقیّد

الصورة الاُولیٰ

الصورة الاُولیٰ :

‏ ‏

‏ما إذا ذکر السبب وکانا متخالفین، کقوله: «إذا کسفت الشمس فصلّ» ثمّ ورد‏‎ ‎‏«إذا خسف القمر صلّ رکعتین» أو نحو «إن ظاهرت أعتق الرقبة» و«إن أفطرت‏‎ ‎‏أعتق الرقبة المؤمنة» فالمعروف المفروغ عنه عندهم هنا عدم الحمل‏‎[1]‎‏، حتّیٰ صرّح‏‎ ‎‏الوالد المحقّق ـ مدّظلّه بعدم الحمل نافیاً للشکّ فیه‏‎[2]‎‏.‏

‏وعندی فیه إشکال : وهو أنّ تعدّد السبب إن اقتضیٰ تعدّد الأمر، واقتضیٰ‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 495
‏تعدّد المسبّب والمأمور به؛ بأن یصیر المطلق والمقیّد متباینین، فلا کلام، إلاّ أنّه‏‎ ‎‏خروج عن المطلق والمقیّد.‏

‏وإن لم یقتضِ تعدّد الأمر قیداً فی السبب حتّیٰ یتباینا، فیلزم الإشکال السابق:‏‎ ‎‏وهو کون المطلق والمقیّد مورد الأمرین التأسیسیّـین‏‎[3]‎‏، وهذا محال کما تحرّر فیما‏‎ ‎‏مضیٰ مراراً‏‎[4]‎‏، فلابدّ من أحد الأمرین فی صورة اجتماع السببین: إمّا الأخذ‏‎ ‎‏بالمطلق، وحمل الأمر الثانی علی التأکید، أو الأخذ بالمقیّد، وحمل المطلق علیه.‏‎ ‎‏هذا بحسب الصناعة.‏

‏وأمّا بحسب النظر العرفیّ، فلایبعد دعویٰ خروج هذه الصورة عن باب‏‎ ‎‏المطلق والمقیّد؛ لأنّ العرف یحکم حینئذٍ بأنّ الواجب فی المطلق هو عتق الرقبة‏‎ ‎‏الاُخریٰ غیر ما کان واجباً بالسبب المتقدّم، علیٰ ما مرّ فی باب المفاهیم بتفصیل.‏‎ ‎‏فیکون مورد الأمر الأوّل غیر مورد الأمر الثانی.‏

وبعبارة اُخریٰ :‏ الواجبات المشروطة بحسب اللبّ واجبات تعلیقیّة، کما‏‎ ‎‏تحرّر منّا فی محلّه‏‎[5]‎‏، فیکون المجعول بحسب الثبوت هو عتق الرقبة المؤمنة عند‏‎ ‎‏الإفطار، والرقبة عند الظهار، وحیث لایمکن أن یکون المراد الجدّی کلاًّ من المطلق‏‎ ‎‏والمقیّد لما مرّ، فلابدّ من التصرّف، وأهون التصرّفات هو أنّ الواجب الثانی‏‎ ‎‏والمجعول المتأخّر، مقیّد لایورث التعدّد.‏

مثلاً :‏ إذا قال عند الظهار: «یجب عتق الرقبة المؤمنة» ثمّ قال: «عند الإفطار‏‎ ‎‏یجب عتق الرقبة» فیقیّد الثانی بقید الاُخریٰ کما لایخفیٰ.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 496
‏ثمّ إنّ السببین تارة: یمکن تقارنهما وجوداً، کما فی المثال الثانی، واُخریٰ:‏‎ ‎‏لایمکن تقارنهما فی الوجود نحو المثال الأوّل، فإنّه ربّما یمکن دعویٰ حصول‏‎ ‎‏الفرق: بأن یکون فی الصورة الأولیٰ کلّ من المطلق والمقیّد مقتضیاً لما اقتضاه من‏‎ ‎‏الأثر، وفی الصورة الثانیة یکون الثانی بلا أثر، إلاّ أنّه مجرّد تخیّل، وإلاّ فمقتضیٰ‏‎ ‎‏ما عرفت عدم الفرق؛ فإنّه کما لایمکن کونهما معاً تأسیسیّـین، لایمکن علی‏‎ ‎‏التعاقب أیضاً.‏

‏ثمّ إنّ ما مرّ فی المقام الأوّل من اختلاف سبق المطلق علی المقیّد‏‎ ‎‏وبالعکس، واختلاف کیفیّة ورودهما، وغیر ذلک، کلّه یأتی فی هذه الصورة، ویظهر‏‎ ‎‏حکمه ممّا سبق‏‎[6]‎‏.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 497

  • ))معالم الدین: 157 / السطر 1، مطارح الأنظار: 220 / السطر 32 ـ 33، فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 2 : 580 .
  • ))تهذیب الاُصول 1 : 541 .
  • ))تقدّم فی الصفحة 466 .
  • ))تقدّم فی الصفحة 466 ، الهامش 2 .
  • ))تقدّم فی الجزء الأوّل : 88 وما بعدها .
  • ))تقدّم فی الصفحة 482 ـ 487 .