الأمر الثانی : فی أنّه لا مناسبة لذکر الحکومة وأنحائها هنا
سیمرّ علیک تحقیق حقیقة الحکومة وأقسامها فی بحوث التعادل والترجیح، والبحث عن هذه المسألة هنا، أیضاً من الخلط بین ما هو شأن الباحث الاُصولیّ، وبین ما هو وظیفة المکلّفین، فإنّ وظیفة المکلّف عدم الرجوع إلی الاُصول مع وجود الأمارة علیٰ خلافها، وأمّا الباحث الاُصولیّ فلا یلزم أن یلاحظ تقدّم الأمارات علی الاُصول فی مبحث تنقیح مفاد الاُصول ومجاریها؛ لأنّ البحث مجرّد فرض، ویکون نظره إلیٰ تنقیح مفاد أدلّة الاُصول ومصبّها وموضوعها، سواء کان هو متعبّداً معتقداً بأساس المذهب، أم لم یکن، وسواء کان شاکّاً، أو غیر شاک.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 6
وعلیٰ کلّ تقدیر: لا شبهة فی أصل تقدّم الأمارات علی الاُصول بالضرورة، وإنّما الخلاف فی أنّ التقدیم بالحکومة مطلقاً، أو الورود مطلقاً، أو هناک تفصیل؛ فمن الأمارات ما یکون حاکماً، کقاعدة الید؛ لقوله علیه السلام: «من استولیٰ علیٰ شیء منه فهو له» ومن الأمارات ما یکون وارداً، کالخبر الثقة، فإنّه حجّة، ولا موضوع واقعاً لأدلّة الاُصول فی مصبّ قامت فیه الحجّة الشرعیّة.
ویحتمل أن تکون أدلّة الأمارات مخصِّصة ومقیِّدة، کما یحتمل أن تکون أدلّة الأدلّة، منصرفة عن موارد الأمارات والحجج العقلائیّة.
وحیث إنّ المسألة تحتاج إلی التدبّر فی کلّ أمارة برأسها؛ لقیام ذلک علی النظر فی الأدلّة الخاصّة، فالإحالة إلیٰ محالّها أولیٰ وأحوط، وإن کان الأمر سهلاً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 7