تتمیم : حول حکم بعض أقسام الناسین
قد عرفت: أنّ الناسی علیٰ ثلاث طوائف:
منهم: من یندرج تحت عنوان «الجاهل» وهو ناسی الخصوصیّة العالم بأصل حکم الطبیعة أو الجزء، فإنّه یجوز أن یکون ناسیاً للوجوب والندب، وعالماً بأصل الحکم فی زمان الحال، کما یکون نسیانه بلحاظ الاستقبال، وهذا واضح.
ومنهم: من یندرج تحت عنوان «العاجز» کما إذا نسی کیفیّة صلاة الجمعة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 110
والصنف الثالث معلوم.
والصنفان الأوّلان یجتمعان مع الالتفات إلی النسیان، ویجوز البحث حول شمول دلیل النسیان لمثلهما.
مثلاً: إذا کان ناسیاً للخصوصیّة وهی جزئیّة السورة، أو کونها واجباً تکلیفیّاً، بعد العلم بأصل لزومها إجمالاً فی الصلاة، فأتیٰ بها وترکها، ثمّ توجّه إلی الجزئیّة، فهل یشمله حدیث رفع النسیان؟
أم یختصّ رفع الجهالة به؛ لأنّه قبل الإتیان بالصلاة، کان جاهلاً ومرفوعة جزئیّة الصلاة فی حقّه، فلا یبقیٰ محلّ بعد الاعتقاد بالجزئیّة؛ لجریان حدیث رفع النسیان؟
اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ رفع الجزئیّة بحدیث رفع الجهالة رفع ظاهریّ، بخلاف رفعها برفع النسیان، فإنّه تقیید واقعیّ وتحکیم، فلو التفت بعد الصلاة إلی الجزئیّة، یصدق علیه: «أنّه کان عارفاً بالجزئیّة فیها» وهذه المسألة وإن لم توجد فی کلمات القوم، إلاّ أنّها لا تضرّ بالبحث، فإنّها تنفعک.
وعلیٰ هذا، ربّما یخطر بالبال ـ بعد الفراغ من أصل تصوّر المبحث المذکور، وبعد الفراغ من مرحلة الثبوت وثمرة البحث أنّه فی مرحلة الإثبات، لا یبعد اختصاص رفع النسیان بصورة الثالث؛ وهو النسیان غیر المجتمع مع الالتفات حین العمل بحسب الطبع والذات، فتخرج الصورتان الاُولیان عن حدیث النسیان.
فلو نسی ذات السورة، وغفل فأتیٰ بالصلاة الفاقدة، فإنّه ولو کان باعتبارٍ عاجزاً عن الجزء، ولکنّه باعتبارٍ ناسٍ، ولکنّه لا یشمله الحدیث، فلاحظ وتدبّر، ولعلّ بعد ذلک یأتی فی بحوث الاشتغال ما یتمّ به البحث هنا، فلا تخلط.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 111