المقصد التاسع فی البراءة

تتمیم : حول حکم بعض أقسام الناسین

تتمیم : حول حکم بعض أقسام الناسین

‏ ‏

قد عرفت:‏ أنّ الناسی علیٰ ثلاث طوائف:‏

منهم:‏ من یندرج تحت عنوان «الجاهل» وهو ناسی الخصوصیّة العالم بأصل‏‎ ‎‏حکم الطبیعة أو الجزء، فإنّه یجوز أن یکون ناسیاً للوجوب والندب، وعالماً بأصل‏‎ ‎‏الحکم فی زمان الحال، کما یکون نسیانه بلحاظ الاستقبال، وهذا واضح.‏

ومنهم:‏ من یندرج تحت عنوان «العاجز» کما إذا نسی کیفیّة صلاة الجمعة.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 110
‏والصنف الثالث معلوم.‏

‏والصنفان الأوّلان یجتمعان مع الالتفات إلی النسیان، ویجوز البحث حول‏‎ ‎‏شمول دلیل النسیان لمثلهما.‏

مثلاً:‏ إذا کان ناسیاً للخصوصیّة وهی جزئیّة السورة، أو کونها واجباً تکلیفیّاً،‏‎ ‎‏بعد العلم بأصل لزومها إجمالاً فی الصلاة، فأتیٰ بها وترکها، ثمّ توجّه إلی الجزئیّة،‏‎ ‎‏فهل یشمله حدیث رفع النسیان؟‏

‏أم یختصّ رفع الجهالة به؛ لأنّه قبل الإتیان بالصلاة، کان جاهلاً ومرفوعة‏‎ ‎‏جزئیّة الصلاة فی حقّه، فلا یبقیٰ محلّ بعد الاعتقاد بالجزئیّة؛ لجریان حدیث رفع‏‎ ‎‏النسیان؟‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ رفع الجزئیّة بحدیث رفع الجهالة رفع ظاهریّ، بخلاف‏‎ ‎‏رفعها برفع النسیان، فإنّه تقیید واقعیّ وتحکیم، فلو التفت بعد الصلاة إلی الجزئیّة،‏‎ ‎‏یصدق علیه: «أنّه کان عارفاً بالجزئیّة فیها» وهذه المسألة وإن لم توجد فی کلمات‏‎ ‎‏القوم، إلاّ أنّها لا تضرّ بالبحث، فإنّها تنفعک.‏

‏وعلیٰ هذا، ربّما یخطر بالبال ـ بعد الفراغ من أصل تصوّر المبحث المذکور،‏‎ ‎‏وبعد الفراغ من مرحلة الثبوت وثمرة البحث أنّه فی مرحلة الإثبات، لا یبعد‏‎ ‎‏اختصاص رفع النسیان بصورة الثالث؛ وهو النسیان غیر المجتمع مع الالتفات حین‏‎ ‎‏العمل بحسب الطبع والذات، فتخرج الصورتان الاُولیان عن حدیث النسیان.‏

‏فلو نسی ذات السورة، وغفل فأتیٰ بالصلاة الفاقدة، فإنّه ولو کان باعتبارٍ‏‎ ‎‏عاجزاً عن الجزء، ولکنّه باعتبارٍ ناسٍ، ولکنّه لا یشمله الحدیث، فلاحظ وتدبّر،‏‎ ‎‏ولعلّ بعد ذلک یأتی فی بحوث الاشتغال‏‎[1]‎‏ ما یتمّ به البحث هنا، فلا تخلط.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 111

  • )) یأتی فی الجزء الثامن : 102 وما بعدها .