ذنابة : فی حکم نسیان الجزء أو الشرط أو المانع فی المعاملات
ما ذکرناه فی باب العبادات، أقلّ محذوراً فی أبواب المعاملات، ففیما إذا لم یکن إطلاق لدلیل الطبیعة، کما هو مفروض الکلام، وکان لدلیل الشرط والجزء أو المانع إطلاق، کما هو لازم البحث عن حدیث الرفع، ولم یکن ترک الجزء والشرط أو إیجاد المانع، ممّا ینتهی إلی الإضرار بأصل صدق الطبیعة وتحقّقها عرفاً، کما فی الشرائط والأجزاء والموانع الشرعیّة مثلاً، فمقتضی الأدلّة أنّ العقد النافذ المتیقّن هو العقد العربیّ، إلاّ أنّ مقتضیٰ حدیث الرفع، کون الفاقد للعربیّة أیضاً متیقّناً بالادعاء والحکومة؛ وبنتیجة التقیید الواقع فی البین.
فعلیٰ هذا التقریب، لا یلزم کون الأصل مثبتاً، ولا تلزم الحاجة إلیٰ إطلاق دلیل الطبیعة، وتکون أصالة الفساد فی العقد محکومة بالأصل المذکور. فعلیٰ هذا یندفع توهّم: أنّه لا معنیٰ لجریانه؛ لأنّه فی صورة وجود إطلاق الطبیعة، لا حاجة إلیه، ومع انتفائه لا فائدة فیه؛ لکونه مثبتاً.
ومن هنا یظهر: أنّ تفصیل السیّد المحقّق ـ مدّظلّه بین الشرط الکذائیّ والکذائیّ، فی غیر محلّه؛ لأنّ حقیقة الشرط ما هو الخارج عن قوام المعاملة، ولا یضرّ بصدقها انتفاؤه.
وأمّا ما فی تقریرات العلاّمة الأراکیّ قدس سره: «من أنّ جریان حدیث الرفع هنا، یستتبع وجوب الوفاء، وهو خلاف المنّة، ولأجل ذلک ذکرنا: أنّه لا یجری فی شرائط الوجوب، دون الواجب» فغیر صحیح:
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 112
أمّا نقضاً فلأنّ حدیث الرفع عند الأعلام، لا یجری فی صورة الاضطرار إلی البیع، معلّلین: «بأنّ إفساد البیع خلاف المنّة» فلو کان ما أفاده صحیحاً، لکان تصحیحه خلاف المنّة، وإیجاب الوفاء خلاف السعة، فوجوب الوفاء لا ینافی المنّة.
وأمّا حلاًّ فلأنّ المنّة والسعة المعتبرة، ربّما تقتضی الصحّة، ومجرّد وجوب الوفاء لا یدلّ علیٰ خلاف المنّة، کما توهّمه، وقد مرّ أن العبرة بالسعة علی الاُمّة، ولاشبهة فی أنّ إلغاء القیود والشرائط، من السعة علیهم.
نعم، ربّما لا یکون فی شخص فی مورد منّة، فإن قلنا: بأنّ العبرة بالمنّة فیکلّ مورد خاصّ، وأنّ الرفع دائر مدارها وجوداً وعدماً، فلازمه انتفاء الحدیث جریاناً لو لم نقل: بأنّ المنّة فی جانب أحد المتعاقدین فی الرفع، تستلزم الضیق أحیاناً فی الجانب الآخر، وقد مرّ تفصیله، وأنّ الأظهر فی صورة کون الغالب فی الرفع لمنّة، عدم ملاحظة الآحاد، بخلاف مثل قاعدة نفی الحرج، ونفی الضرر.
ومن هنا یظهر: أنّه ربّما یکون رفع الوجوب برفع شرطه، خلاف الامتنان علیٰ شخص خاصّ؛ لأغراض تطراُه، مع أنّ الرفع المذکور سعة علی الاُمّة حسب العادة والنوع، فلا تخلط.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 113