المقصد العاشر فی الاشتغال

تمهید حول تقریب بدیع لوجوب الاحتیاط

تمهید حول تقریب بدیع لوجوب الاحتیاط

‏ ‏

‏إذا علم إجمالاً بالحکم أو الحجّة فی الشبهات الحکمیّة التحریمیّة، أو‏‎ ‎‏الإیجابیّة، وهکذا لو کان یعلم بجنس الالتزام، وتردّد فی فصله، فمقتضیٰ ما تحرّر‏‎ ‎‏فی بحوث القطع‏‎[1]‎‏؛ أنّ هذا العلم علّة تامّة لتمامیّة الحجّة علیٰ وجوب الموافقة‏‎ ‎‏القطعیّة، وحرمة المخالفة القطعیّة، وأنّ العقاب هناک لیس بلا بیان، ولا یمتنع صدوره‏‎ ‎‏عن المولی الحکیم؛ لأنّه لیس عقاباً جزافاً وبلا جهة عقلاً.‏

وقد مرّ:‏ أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بیان، ترجع إلیٰ قاعدة اُخریٰ أوسع منها:‏‎ ‎‏وهی قبح العقاب جزافاً وبلا سبب‏‎[2]‎‏، وهذا فی موارد العلم الإجمالیّ لیس بلا علّة‏‎ ‎‏وسبب، ولا یعدّ جزافاً وقبیحاً، فلا تجری قاعدة البراءة العقلیّة، والعقلائیّة.‏

وإن شئت قلت:‏ فی موارد الشبهات البدویّة، یصحّ الاعتذار بالجهالة، فإنّ‏‎ ‎‏الجهل عذر عند العقلاء فی الشبهات الحکمیّة بعد الفحص وهذا الجهل المقرون‏‎ ‎‏بالعلم لیس عذراً، ولا أقلّ من الشکّ فی کونه عذراً عند العرف والعقلاء، فلابدّ من‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 317
‏الاحتیاط حتّیٰ یأمن من العقاب المحتمل.‏

فبالجملة:‏ مدّعی أنّ العلم الإجمالیّ لیس له شأن، لابدّ أن یدّعی جریان‏‎ ‎‏البراءتین العقلیّة والعقلائیة فی الأطراف وهذا واضح ممنوعیّته عندهم ولا أظنّ‏‎ ‎‏التزام أحد بذلک وما نسب إلی العلَمین: الخونساریّ، والقمّی، یرجع إلی الشرعیّة‏‎ ‎‏کما یأتی إن شاء الله تعالیٰ.‏

‏وتحصّل علی التقریب الثانی: أنّ الجهل عذر فی البدویّات، ولیس عذراً فی‏‎ ‎‏صورة اقترانه بالعلم، فلیس العلم شیئاً، ولا علّة لتنجیز الحکم، أو لإیجاب الموافقة‏‎ ‎‏القطعیّة، أو حرمة المخالفة القطعیّة، بل الاحتیاط بحکم العقل ودرکه لازم، إلاّ إذا‏‎ ‎‏کان له العذر فی صورة التخلّف عن المرام ومطلوب المولیٰ.‏

‏وهذا لا یحصل فیما نحن فیه، سواء کان العلم بالحکم، أو بالحجّة، وسواء‏‎ ‎‏کان المعلوم جنس التکلیف، أو فصله، وسواء کان المجهول متعلّق التکلیف، أو‏‎ ‎‏متعلّق المتعلّق فی الشبهات الحکمیّة علیٰ أصنافها. فإلغاء العلم الإجمالیّ عن‏‎ ‎‏المنجّزیة والعلّیة والسببیّة والاقتضاء، ممکن علی التقریب الثانی.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 318

  • )) تقدّم فی الجزء السادس : 190 ـ 194.
  • )) تقدّم فی الصفحة 294.