تذنیب : فی بعض صور العلم الإجمالی باشتغال الذمّة
إذا کان کلّ من طرفی العلم الإجمالیّ عالماً بأنّه دائن، ویطلب من المدیون العالم بالعلم الإجمالیّ دینَه، یجوز له أخذ الدینار ولو کان الدائن غیر راضٍ بالتصرّف إلاّ فی صورة الدین، کما هو الواضح.
وأمّا إذا لم یکن کلّ منهما عالماً بذلک، وکان المدیون غاصباً، یجب علیه الردّ. ولو لم یطلب منه المغصوب منه، لا یبعد وجوب رضاه بالتصرّف علیٰ وجه یفرّغ ذمّته؛ لإطلاق دلیل الردّ.
وأمّا إذا کان المدیون غیر غاصب، فلا یجوز للطرف طلب الدین؛ للشکّ فی الاستدانة، ومقتضی الأصل عدم الاستدانة، ولا یجب علی العالم إجمالاً أکثر من
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 422
الردّ عند الطلب، أو الإیصاء بالنسبة إلیٰ من هو الدائن. وحیث یشکل الأمر من حیث تشخیص ذلک، فلابدّ من التشبّث بالقرعة، أو قاعدة العدل والإنصاف، والمصالحة. وفی کفایة القرعة إشکال؛ لأنّ من الاقتراع یلزم وقوع الطرف فی المشکل؛ لعدم جواز التصرّف فی الدین المذکور، لکونه من الشبهة المهتمّ بها.
اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ قضیّة إطلاق أدلّة القرعة حلّ هذه المشکلة؛ إمّا لأجل کون القرعة کاشفاً تعبّداً، أو واقعاً، أو لکونها موضوعاً لحلّ المشکلة، فلا یعتنیٰ بما یأتی من قبلها من المشکل والمشتبه والمجهول، فلیتأمّل. هذا إذا کان الطرف متعدّداً.
ولو کان الطرف واحداً، والدین مردّداً بین المتباینین، کالمثلیّین، أو المثلیّ والقیمیّ، فإنّ صریح جمع هو القول بالاحتیاط، وهذا ممّا لا یمکن الالتزام به؛ لما عرفته من عدم إمکان الاحتیاط إلاّ علی القول بتعیّن رضاه بالتصرّف علیٰ کلّ تقدیر، وهذا ممّا لا یمکن الالتزام به فی صورة تعدّد الدین المردّد بین المثلیّات الکثیرة.
کما أنّه لو کان مصبّ القرعة عنوان «التشاحّ فی الحقوق» لا یمکن إجراؤها؛ لما لا تشاحّ بینها لوحدة الطرف.
نعم، لو کان موضوعها عنوان «المشکل» و«المجهول» و«المشتبه» کما فی بعض الأخبار العامّة، یمکن حلّ المسألة بها کما لا یخفیٰ.
وغیر خفیّ: أنّه لا یجوز له طلب أحد هذه الاُمور المعیّنة؛ إلاّ فی بعض الفروض المشار إلیها.
تتمیم : فی مورد العلم الإجمالیّ باشتغال الذمّة بالنسبة إلیٰ واحد من الجماعة المحصورین ـ بعد ما تبیّن أنّ القول بالاحتیاط؛ نظراً إلیٰ قضیّة الصناعة وتنجیز العلم، غیر تامّ إذا کان المعلوم بالإجمال من جنس واحد ـ یمکن التمسّک
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 423
بقاعدة العدل والإنصاف؛ لأنّ فی صورة تقسیم الحنطة بین تلک الجماعة، یعلم بإیصال بعض الدین إلیٰ صاحبه والدائن الواقعیّ. وأمّا إذا کان من الأجناس المختلفة، بعد فرض کون الدائنین جماعة محصورین لا شخصاً واحداً، فلا یمکن إجراء تلک القاعدة؛ للزوم خلاف الاحتیاط أیضاً.
وممّا تبیّن فی هذا الفصل إجمالاً: هو أنّ تنجیز العلم الإجمالیّ فی الاُمور المالیّة، محلّ منع؛ إمّا لأجل إمکان انتساب التنجّز فی بعض الصـور إلیٰ نفس الشبهة، ولا حاجة إلیه وإن أمکن اجتماع المنجّزات علیٰ واحد، وإمّا لأجل أنّ التنجّز غیر قابل للتصدیق، وممّا شرحناه وأوضحناه فی هذه الصور، تبیّن حال الصور الاُخر غیر الراجعة إلی الأقلّ والأکثر. وفی صورة رجوعها إلیه، تخرج عن محطّ البحث هنا.
وقد فرغنا من هذه المسألة أیّام تسفیر الأجانب من العراق، وفی أوقات اضمحلال الحوزة العلمیّة فی النجف الأشرف، علیٰ مشرّفه ألف سلام وتحیّة، عفا الله عن الزلل، ووقانا من الخطأ.
ومن الغریب أنّ هذه الکارثة تقع بین أیدینا، ونحن المستشعرون بها!! ولیس ذلک إلاّ لأجل إبطال الأحیان فی السلف، و«فی الصیف ضیعتِ اللبن» ولأجل صرف الأفکار؛ للوصول إلیٰ أوکار الرئاسة والسلطة الباطلة.
وقد أصبحنا فی عصر لا یمکن لنا توضیح ما فیه من الأخطار والبلایا، وما فیه من الاشتباهات والتشتّتات، ولیس أمثال هذه الحوادث إلاّ ونحن المسؤولون.
اللهمّ بحقّ الأمیر علیه السلام اغفر لنا؛ فإنّا قد أسأنا فی جواره الأدب، وأبطلنا الظروف والنفحات الإلهیّة فی محطّها، یا الله آمین، وادفع عنّا البلاء المبرم من السماء، إنّک علیٰ کل شیء قدیر. 4/ ذی الحجّة الحرام/ 1395 . هـ مصطفیٰ بن روح الله الموسویّ الخمینیّ عفی عنهما.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 424