تنبیه : فی صیرورة الشبهة لا شبهة، کالعلم
قد مرّ فی مطاوی بحوثنا وجه سقوط العلم أثراً؛ وصیرورته لا علم، ووجه صیرورة الشبهة لا شبهة، وتبیّن أنّ التحقیق عدم سقوط العلم، ومع ذلک یمکن الترخیص إلیٰ حدّ المخالفة القطعیّة.
نعم، لو قلنا بتمامیّة السیرة الخارجیّة العملیّة علیٰ عدم الاعتناء فی الشبهة غیر المحصورة بالعلم، وأنّ الطرف والأطراف غیر المحتاج إلیها فی الاستعمال والاستفادة حین الحاجة إلیٰ أحد الأطراف معیّناً أو غیر معیّن، بحیث یستلزم الغفلة عادة عن ملاحظة سائر الجهات، یمکن دعویٰ صیرورة الشبهة لا شبهة، فیجوز التوضّؤ بالمختلط بالمغصوب، أو المضاف، أو المختلط بالأحجار غیر الباکرة فی المشعر.
وبالجملة تحصّل: أنّه وإن لم یکن العلم قاصراً فی غیر المحصورة، ولکنّ الأدلّة المرخّصة مقدّمة علیه فی التعذیر، فی قبال تنجیز العلم الثابت لولاها، ویمکن فی هذه الحالة دعویٰ: أنّ الشبهة کلا شبهة؛ لأجل السیرة المذکورة التی لا فرق ـ بعد تمامیّتها بین المحصورة وغیر المحصورة؛ لأنّ بعضاً من الشبهة المحصورة أیضاً مورد السیرة المذکورة، کما إذا علم المارّ أنّ ترشّح البول إمّا إلیٰ ثوبه، أو إلی الأرض التی فی جنبه، فإنّ مقتضی العلم بالنهی وجنس التکلیف ـ وهو النهی عن الصلاة فی ثوبه، أو السجدة أو التیمّم بالأرض ـ هو المنع والاحتیاط، ومع ذلک لا
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 437
یعتنون بمثله، ویصلّون فی الثوب الذی هو الطرف.
وتحصّل أیضاً: أنّ ماهو ظاهر القوم من أنّ البحث عن أنّ الشبهة لا شبهة، بعد الفراغ من سقوط العلم وصیرورته لا علم. مع أنّه لا تنافی بین کون العلم علماً ـ لولا الأخبار ـ وکون الشبهة لا شبهة، فتأمّل.
ولیس مبنی المسألة اختلاف التقاریب فی إسقاط تنجیز العلم، کما یظهر من العلاّمتین النائینیّ والأراکیّ وأتباعهما، بل الوالد المحقّق ـ مدّظلّه لما عرفت من قیام السیرة علیٰ عدم الاعتناء بآثار الطرف الممنوعة حسب القاعدة الأوّلیة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 438