المقصد العاشر فی الاشتغال

الأمر الأوّل : فی أنَّ ملاقی النجس نجس بعنوانه

الأمر الأوّل : فی أنَّ ملاقی النجس نجس بعنوانه

‏ ‏

‏قد اتفقت آراؤهم بعد القول بمنجّسیة النجس، علیٰ أنّ المتنجّس محکوم‏‎ ‎‏بأحکام النجس علی الإطلاق إلاّ ماخرج بالدلیل، وله الاستقلال فی الحکم.‏

‏ویظهر من الأدلّة‏‎[1]‎‏ بعد الاعتراف المذکور: أنّ الشرع اعتبر ملاقی النجس‏‎ ‎‏بعنوانه من النجس، فکلّما تحقّق فی الخارج یجب الاجتناب عنه، من غیر دخالة‏‎ ‎‏الملاقیٰ ـ بالفتح ـ فی حدوث الحکم. بل هو یمتنع؛ لأنّ الحکم یترشّح من قبل‏‎ ‎‏المبادئ الموجودة عند الحاکم، وإنّما الملاقاة توجب تحقّق الموضوع، کسائر‏‎ ‎‏موجبات تحقّق الموضوعات الشرعیّة.‏

‏ومن الغریب مافی تقریرات العلاّمة الأراکیّ ‏‏قدس سره‏‏ هنا: من توهّم ترشّح الحکم‏‎ ‎‏بسببیّة الملاقاة‏‎[2]‎‏!! فلیراجع.‏

وغیر خفیّ:‏ أنّ مانسب إلی ابن زهرة: من أنّ الملاقی ـ بالکسر ـ لیس‏‎ ‎‏مخصوصاً بحکم‏‎[3]‎‏، یرجع إلیٰ إنکاره نجاسة الملاقی بعنوانه، ولا یترتّب علیٰ‏‎ ‎‏مسلکه بحث فیما نحن فیه؛ ضرورة أنّ الاختلافات الکثیرة فی هذه المسألة، ناشئة‏‎ ‎‏عن مقالة المشهور‏‎[4]‎‏. وما فی کلام العلاّمة النائینیّ ‏‏رحمه الله‏‏: من أخذ مقالته وجهاً‏‎ ‎‏لوجوب الاجتناب عن الملاقی فیما نحن فیه‏‎[5]‎‏، غیر سدید.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 501
‏کما أنّ مافی کلام الأراکیّ ‏‏رحمه الله‏‏: من إحداث الاحتمال الثالث‏‎[6]‎‏، ناشئ عن‏‎ ‎‏الغفلة جدّاً؛ فإنّ التعبّد الشرعیّ الجدید لازم بعد الملاقاة؛ سواء قلنا بالسرایة، أو لم‏‎ ‎‏نقل؛ ضرورة أنّ السرایة بتوسّط الأجزاء العقلیّة ممکنة، مع أنّها طاهرة عرفاً‏‎ ‎‏وشرعاً، کأجزاء الدم المعبّر عنها عرفاً بـ «لون الدم» فلیلاحظ.‏

‏وممّا ذکرنا یظهر: أنّ إطالة الکلام حول الثمرة والشجرة‏‎[7]‎‏، غیر تامّ، مع أنّها‏‎ ‎‏فاسدة جدّاً. وقد ملئت کلماتهم هنا بنقاط الضعف وفساد المنهج بما لامزید علیه،‏‎ ‎‏ولو لم تکن مخافة الإطالة، لکشفنا عنها الغطاء؛ ضرورة أنّ فی باب الأموال تکون‏‎ ‎‏الشبهة منجّزة من غیر الحاجة إلی العلم.‏

‏نعم، فی مثل العلم الإجمالیّ ببطلان الظهر أو العصر، ثمّ العلم بأنّ الظهر لو‏‎ ‎‏کان صحیحاً یجب الاحتیاطیّة، یلزم طرفیّة الاحتیاطیّة والعصر، ویلزم البحث‏‎ ‎‏المشابه لمبحثنا هنا، فلیتدبّر.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 502

  • )) وسائل الشیعة 1 : 206 ، کتاب الطهارة ، أبواب الماء المضاف ، الباب 5 ، الحدیث 2، و3 : 441 ـ 444، أبواب النجاسات ، الباب 26.
  • )) نهایة الأفکار 3 : 355.
  • )) الغنیة، ضمن سلسلة الینابیع الفقهیّة 2 : 379، فرائد الاُصول 2: 423.
  • )) فرائد الاُصول 2 : 423، نهایة الأفکار 3: 355، منتهی الاُصول 2: 269 ـ 270.
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 79 ، أجود التقریرات 2: 257.
  • )) نهایة الأفکار 3 : 354.
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4: 73 ـ 76.