الأمر الأوّل : فی أنَّ ملاقی النجس نجس بعنوانه
قد اتفقت آراؤهم بعد القول بمنجّسیة النجس، علیٰ أنّ المتنجّس محکوم بأحکام النجس علی الإطلاق إلاّ ماخرج بالدلیل، وله الاستقلال فی الحکم.
ویظهر من الأدلّة بعد الاعتراف المذکور: أنّ الشرع اعتبر ملاقی النجس بعنوانه من النجس، فکلّما تحقّق فی الخارج یجب الاجتناب عنه، من غیر دخالة الملاقیٰ ـ بالفتح ـ فی حدوث الحکم. بل هو یمتنع؛ لأنّ الحکم یترشّح من قبل المبادئ الموجودة عند الحاکم، وإنّما الملاقاة توجب تحقّق الموضوع، کسائر موجبات تحقّق الموضوعات الشرعیّة.
ومن الغریب مافی تقریرات العلاّمة الأراکیّ قدس سره هنا: من توهّم ترشّح الحکم بسببیّة الملاقاة!! فلیراجع.
وغیر خفیّ: أنّ مانسب إلی ابن زهرة: من أنّ الملاقی ـ بالکسر ـ لیس مخصوصاً بحکم، یرجع إلیٰ إنکاره نجاسة الملاقی بعنوانه، ولا یترتّب علیٰ مسلکه بحث فیما نحن فیه؛ ضرورة أنّ الاختلافات الکثیرة فی هذه المسألة، ناشئة عن مقالة المشهور. وما فی کلام العلاّمة النائینیّ رحمه الله: من أخذ مقالته وجهاً لوجوب الاجتناب عن الملاقی فیما نحن فیه، غیر سدید.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 501
کما أنّ مافی کلام الأراکیّ رحمه الله: من إحداث الاحتمال الثالث، ناشئ عن الغفلة جدّاً؛ فإنّ التعبّد الشرعیّ الجدید لازم بعد الملاقاة؛ سواء قلنا بالسرایة، أو لم نقل؛ ضرورة أنّ السرایة بتوسّط الأجزاء العقلیّة ممکنة، مع أنّها طاهرة عرفاً وشرعاً، کأجزاء الدم المعبّر عنها عرفاً بـ «لون الدم» فلیلاحظ.
وممّا ذکرنا یظهر: أنّ إطالة الکلام حول الثمرة والشجرة، غیر تامّ، مع أنّها فاسدة جدّاً. وقد ملئت کلماتهم هنا بنقاط الضعف وفساد المنهج بما لامزید علیه، ولو لم تکن مخافة الإطالة، لکشفنا عنها الغطاء؛ ضرورة أنّ فی باب الأموال تکون الشبهة منجّزة من غیر الحاجة إلی العلم.
نعم، فی مثل العلم الإجمالیّ ببطلان الظهر أو العصر، ثمّ العلم بأنّ الظهر لو کان صحیحاً یجب الاحتیاطیّة، یلزم طرفیّة الاحتیاطیّة والعصر، ویلزم البحث المشابه لمبحثنا هنا، فلیتدبّر.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 7)صفحه 502