المسألة الثالثة فی الأقلّ والأکثر

وهم ودفع : حول بطلان البحث لخروج المسبب عن الاختیار

وهم ودفع : حول بطلان البحث لخروج المسبب عن الاختیار

‏ ‏

‏ربّما یخطر بالبال أن یقال: إنّ هذه المسألة والنزاع غیر صحیح، ومن الغلط‏‎ ‎‏عقلاً؛ وذلک لأنّ المسبّب والمحصّل ممّا لا یمکن أن یتعلّق به الأمر؛ لخروجه عن‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 61
‏حدّ الاختیار والاقتدار، کما ذهب العلاّمة الخراسانیّ‏‎[1]‎‏ والنائینیّ ‏‏رحمهماالله‏‎[2]‎‏ فی‏‎ ‎‏الأسباب التولیدیّة إلیٰ أنّ المأمور به هو السبب، والمنهیّ عنه فی الأسباب التولیدیّة‏‎ ‎‏هو السبب، أو یکون مورد النهی المتعلّق بالمسبّب، ولذلک قال بحرمة السبب‏‎ ‎‏التولیدیّ فی مقدّمة الحرام.‏

وبالجملة:‏ ذهب جمع من الفقهاء إلی امتناع تکلیف الکفّار بالعبادات؛ لامتناع‏‎ ‎‏حصول القربة، وإلیٰ عدم صحّة النذر دون الیمین؛ لاعتبار القربة فی الأوّل دون‏‎ ‎‏الثانی، وما ذلک إلاّ للامتناع المشار إلیه.‏

‏ویکفیک دفعاً: أنّ التصرّف فی ظواهر الأدلّة المقتضیة لوجوب المسبّب، غیر‏‎ ‎‏جائز إلاّ فی صورة اقتضاء العقل، وهو لا یدرک؛ لاختیاریّة المسبّب بعد کون السبب‏‎ ‎‏اختیاریّاً، والاقتدار علی السبب یکفی لمقدوریة المحصَّل.‏

‏فالطهور والتملّک بالمعنی الحاصل المصدریّ والمسبّبی، والقتل، واحتراق‏‎ ‎‏الکتب الضالّة، وانکسار آلات اللهو واللعب والقمار، وإن کان غیر مقدور، إلاّ أنّه‏‎ ‎‏یکفی لحفظ ظواهر الأدلّة اختیاریّة السبب حتّیٰ فی الأسباب التولیدیّة؛ ضرورة أنّ‏‎ ‎‏الحرکة المتولّدة بما أنّها صادرة عن الید، موضوع لانتزاع عنوان، وبما أنّها قائمة‏‎ ‎‏بالمفتاح موضوع لانتزاع العنوان الآخر، فالوجود ولو کان واحداً، إلاّ أنّ هناک‏‎ ‎‏إضافتین، والتحلیل العقلیّ یکفی لوجوب التحفّظ علیٰ ظواهر الأدلّة، وعدم سرایة‏‎ ‎‏النهی إلی السبب الصادر عنه الحرکة، وهکذا عدم تقیّد المحرّم المسبّبی بالسبب، بل‏‎ ‎‏المحرّم منحصر بالمسبّب بما هو هو.‏

‏ولأجله ذهب المشهور إلیٰ جواز تکلیف الکفّار وعدم حرمة مقدّمة الحرام‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 62
‏وأنّ نیّة الحرام کانت محرّمة فی الاُمم السالفة، دون الاُمّة المرحومة.‏

‏مع أنّ النیّة تقارن أحیاناً الإرادة التی هی الجزء الأخیر للعلّة التامة؛ حسبما‏‎ ‎‏تحرّر منّا بوجه لا یتوجّه إلیه إشکال السیّد الاُستاذ المحقّق الوالد ـ مدّظلّه‏‎[3]‎‏ ولو‏‎ ‎‏کان المحرّم والواجب ما هو مورد الاختیار والاقتدار بلا وسط مثلاً، للزم‏‎ ‎‏انحصارهما فی الإرادة؛ ضرورة أنّ کلّ فعل مسبّب ومتولّد عن الإرادة ومحصّل‏‎ ‎‏عنها، وإن لم یعدّ من الأسباب التولیدیّة الاصطلاحیّة.‏

‏فعلیٰ ما تحصّل: جمیع أقسام المسبّبات واردة فی محطّ النزاع، تولیدیّة‏‎ ‎‏کانت، أو غیر تولیدیّة، وما یظهر من القوم من اختصاص غیر الأسباب التولیدیّة‏‎ ‎‏بالبحث فی المقام، فی غیر محلّه، فاغتنم.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 63

  • )) کفایة الاُصول : 158 و 160.
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 270 ـ 271.
  • )) تهذیب الاُصول 1 : 282 ـ 284 ، مناهج الوصول 1 : 415 ـ 416 .