المسألة الثالثة فی الأقلّ والأکثر

حکم الأجزاء الخارجیّة والتحلیلیّة هنا

حکم الأجزاء الخارجیّة والتحلیلیّة هنا

‏ ‏

‏بقی تمام الکلام فی الشبهة الموضوعیّة للأقلّ والأکثر بالنسبة إلی الأجزاء‏‎ ‎‏الخارجیّة والتحلیلیّة وحکمها:‏

فمن الأوّل:‏ احتمال کون بعض السور الموجودة فی «دبستان السیاحة»‏‎ ‎‏للشیروانیّ، سورةً قرآنیة، وحیث إنّ الواجب مثلاً هی الصلاة المنحلّة بالنظرة الثانیة‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 75
‏إلی الأجزاء المبیّنة، ویشکّ فی السورة، فلابدّ من إتیان السورة المعلومة علی‏‎ ‎‏الاشتغال مثلاً، فالأوامر الغیریّة والضمنیّة ـ کما مضیٰ‏‎[1]‎‏ من الأباطیل ثبوتاً بالنسبة‏‎ ‎‏إلی الثانیة، وإثباتاً بالنسبة إلی الاُولیٰ، ولکنّ الأمر النفسیّ المتعلّق بتلک الطبیعة‏‎ ‎‏المنحلّة إلی الکثرة المبیّنة فی الأدلّة، یقتضی إتیان ما هو السورة القطعیّة، کما إذا‏‎ ‎‏تعلّق الأمر بنفس طبیعة إکرام العالم، فإنّه لا معنیٰ لأن یجتزئ بما هو المشکوک إلاّ‏‎ ‎‏علی الوجه الذی عرفت منّا احتماله، فعلیه تکون الشبهة فی تلک السورة أنّها سورة،‏‎ ‎‏من الشبهة الخارجیّة للأقلّ والأکثر.‏

ومن الثانی:‏ یجوز أن یکون مجرّد الشکّ فی وجود الطهور والوضوء، وکون‏‎ ‎‏الثوب مباحاً وممّا یؤکل، من الشبهة الموضوعیّة؛ لأنّ الشکّ المذکور بعد ما لم یکن‏‎ ‎‏من الشبهة الحکمیّة، ولا من الشبهة المفهومیّة بالضرورة، فلابدّ من کونه من الشبهة‏‎ ‎‏الموضوعیّة للأقلّ والأکثر؛ لما لا قسم ثالث للشبهات. ولا یعتبر فی الشبهات‏‎ ‎‏الموضوعیّة اختلاط أفراد العالم والجاهل، بل لو کان جمیع أفراد العالم واضحة،‏‎ ‎‏وکان زید جاهلاً، واحتمل کسب العلم فی حقّه، یعدّ من الشبهة الموضوعیّة.‏

‏ففیما نحن فیه یعدّ کونه مشکوکةً واجدیّته للوضوء وللثوب المباح، ولابساً‏‎ ‎‏لما لا یؤکل، من الشبهة الموضوعیّة؛ لأنّ ما هو الواجب هی صلاة مع کونها کذا‏‎ ‎‏وکذا وجودیّاً أو عدمیّاً، ولا شبهة فی أنّها صلاة بالضرورة، إلاّ أنّه یشکّ فی جزء‏‎ ‎‏منها لا حکمیّاً، ولا مفهومیّاً، ولا یعتبر فی الشبهة الموضوعیّة للأقلّ والا ٔثر کون‏‎ ‎‏مفهوم الأکثر معلوماً؛ ضرورة أنّ الصلاة بالنسبة إلیٰ قیودها وشرائطها من الأقلّ‏‎ ‎‏والأکثر بحسب الطبع، فتأمّل.‏

‏فإذا کان الشرط مثل الطهور وأمثاله فلابدّ من إحرازه، إلاّ علی الوجه الذی‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 76
‏أبدعناه‏‎[2]‎‏.‏

‏وإذا کان الشرط مثل کون الثوب مباحاً أو ممّا یؤکل لحمه، فإن کان المعتبر‏‎ ‎‏جزء لنفس طبیعة إباحة الثوب وما لا یؤکل لحمه، فیلزم کفایة کون بعض الثوب من‏‎ ‎‏ذلک، لا مجموعه، ولابدّ من الاحتیاط بالنسبة إلیٰ نفس الطبیعة، ولا یضرّ الزائد ولو‏‎ ‎‏کان معلوماً، فضلاً عمّا إذا کان مورد الشکّ.‏

‏وإذا اُرید اعتبار کون مجموع الثوب مباحاً وممّا یؤکل لحمه، وأنّه شرط‏‎ ‎‏وجودیّ، أو یکون الشرط عدمیّاً؛ أی أن لا تکون الصلاة فی الثوب المأخوذ ممّا لا‏‎ ‎‏یؤکل لحمه، فیندرج فی العام المجموعیّ.‏

‏وقد مرّ وجه الاحتیاط ووجه البراءة علیٰ مسلکنا من التصرّف فی الواقع‏‎ ‎‏علیٰ تقدیره‏‎[3]‎‏، بل وعلی القول: بأنّه رفع ادعائیّ لا واقعیّ، فإنّ الرفع الادعائیّ‏‎ ‎‏بحکم الرفع الواقعیّ کما تحرّر‏‎[4]‎‏.‏

إن قلت:‏ لا معنیٰ للتمسّک بحدیث الرفع فی مورد الشکّ فی وجود الشرط.‏

قلت:‏ یتمسّک به لرفع دخالة المشکوک فی تحقّق العامّ المجموعیّ الذی هو‏‎ ‎‏شرط، ولا یلزم أن یکون مثبتاً علیٰ ما سلکناه، وإنّما حدیث المثبتیّة علیٰ مذهب‏‎ ‎‏القائلین بأنّه حکم ظاهریّ، فلا تخلط؛ ضرورة أنّه علیٰ ما سلکناه، یکون الجزء‏‎ ‎‏المشکوک فی تحقّق العامّ المجموعیّ إمّا غیر دخیل واقعاً، ولازمه سقوط الأمر، أو‏‎ ‎‏أن یکون دخیلاً، والشرع قد انصرف عن حکم الصلاة ولزومها؛ لأجل التوسعة علی‏‎ ‎‏العباد، فلا حاجة إلیٰ إثبات کون الباقی هو العامّ المجموعیّ تعبّداً؛ کی یلزم أن‏‎ ‎‏یکون مثبتاً.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 77

  • )) تقدّم فی الصفحة 8 و 28 و 32.
  • )) تقدّم فی الصفحة 72.
  • )) تقدّم فی الصفحة 70 ـ 72.
  • )) أنوار الهدایة 2: 40 و 41.