حکم الأجزاء الخارجیّة والتحلیلیّة هنا
بقی تمام الکلام فی الشبهة الموضوعیّة للأقلّ والأکثر بالنسبة إلی الأجزاء الخارجیّة والتحلیلیّة وحکمها:
فمن الأوّل: احتمال کون بعض السور الموجودة فی «دبستان السیاحة» للشیروانیّ، سورةً قرآنیة، وحیث إنّ الواجب مثلاً هی الصلاة المنحلّة بالنظرة الثانیة
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 75
إلی الأجزاء المبیّنة، ویشکّ فی السورة، فلابدّ من إتیان السورة المعلومة علی الاشتغال مثلاً، فالأوامر الغیریّة والضمنیّة ـ کما مضیٰ من الأباطیل ثبوتاً بالنسبة إلی الثانیة، وإثباتاً بالنسبة إلی الاُولیٰ، ولکنّ الأمر النفسیّ المتعلّق بتلک الطبیعة المنحلّة إلی الکثرة المبیّنة فی الأدلّة، یقتضی إتیان ما هو السورة القطعیّة، کما إذا تعلّق الأمر بنفس طبیعة إکرام العالم، فإنّه لا معنیٰ لأن یجتزئ بما هو المشکوک إلاّ علی الوجه الذی عرفت منّا احتماله، فعلیه تکون الشبهة فی تلک السورة أنّها سورة، من الشبهة الخارجیّة للأقلّ والأکثر.
ومن الثانی: یجوز أن یکون مجرّد الشکّ فی وجود الطهور والوضوء، وکون الثوب مباحاً وممّا یؤکل، من الشبهة الموضوعیّة؛ لأنّ الشکّ المذکور بعد ما لم یکن من الشبهة الحکمیّة، ولا من الشبهة المفهومیّة بالضرورة، فلابدّ من کونه من الشبهة الموضوعیّة للأقلّ والأکثر؛ لما لا قسم ثالث للشبهات. ولا یعتبر فی الشبهات الموضوعیّة اختلاط أفراد العالم والجاهل، بل لو کان جمیع أفراد العالم واضحة، وکان زید جاهلاً، واحتمل کسب العلم فی حقّه، یعدّ من الشبهة الموضوعیّة.
ففیما نحن فیه یعدّ کونه مشکوکةً واجدیّته للوضوء وللثوب المباح، ولابساً لما لا یؤکل، من الشبهة الموضوعیّة؛ لأنّ ما هو الواجب هی صلاة مع کونها کذا وکذا وجودیّاً أو عدمیّاً، ولا شبهة فی أنّها صلاة بالضرورة، إلاّ أنّه یشکّ فی جزء منها لا حکمیّاً، ولا مفهومیّاً، ولا یعتبر فی الشبهة الموضوعیّة للأقلّ والا ٔثر کون مفهوم الأکثر معلوماً؛ ضرورة أنّ الصلاة بالنسبة إلیٰ قیودها وشرائطها من الأقلّ والأکثر بحسب الطبع، فتأمّل.
فإذا کان الشرط مثل الطهور وأمثاله فلابدّ من إحرازه، إلاّ علی الوجه الذی
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 76
أبدعناه.
وإذا کان الشرط مثل کون الثوب مباحاً أو ممّا یؤکل لحمه، فإن کان المعتبر جزء لنفس طبیعة إباحة الثوب وما لا یؤکل لحمه، فیلزم کفایة کون بعض الثوب من ذلک، لا مجموعه، ولابدّ من الاحتیاط بالنسبة إلیٰ نفس الطبیعة، ولا یضرّ الزائد ولو کان معلوماً، فضلاً عمّا إذا کان مورد الشکّ.
وإذا اُرید اعتبار کون مجموع الثوب مباحاً وممّا یؤکل لحمه، وأنّه شرط وجودیّ، أو یکون الشرط عدمیّاً؛ أی أن لا تکون الصلاة فی الثوب المأخوذ ممّا لا یؤکل لحمه، فیندرج فی العام المجموعیّ.
وقد مرّ وجه الاحتیاط ووجه البراءة علیٰ مسلکنا من التصرّف فی الواقع علیٰ تقدیره، بل وعلی القول: بأنّه رفع ادعائیّ لا واقعیّ، فإنّ الرفع الادعائیّ بحکم الرفع الواقعیّ کما تحرّر.
إن قلت: لا معنیٰ للتمسّک بحدیث الرفع فی مورد الشکّ فی وجود الشرط.
قلت: یتمسّک به لرفع دخالة المشکوک فی تحقّق العامّ المجموعیّ الذی هو شرط، ولا یلزم أن یکون مثبتاً علیٰ ما سلکناه، وإنّما حدیث المثبتیّة علیٰ مذهب القائلین بأنّه حکم ظاهریّ، فلا تخلط؛ ضرورة أنّه علیٰ ما سلکناه، یکون الجزء المشکوک فی تحقّق العامّ المجموعیّ إمّا غیر دخیل واقعاً، ولازمه سقوط الأمر، أو أن یکون دخیلاً، والشرع قد انصرف عن حکم الصلاة ولزومها؛ لأجل التوسعة علی العباد، فلا حاجة إلیٰ إثبات کون الباقی هو العامّ المجموعیّ تعبّداً؛ کی یلزم أن یکون مثبتاً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 77