المسألة الثالثة فی الأقلّ والأکثر

مقتضی الأصل فی الهیئة الاتصالیّة

مقتضی الأصل فی الهیئة الاتصالیّة

‏ ‏

‏بقی بحث حول الهیئة الاتصالیّة بالمعنی الأعمّ المذکورة بین أفعال الحجّ‏‎ ‎‏والعمرة، وهکذا بین أفعال التذکیة، فإنّه وإن کان مقتضی الشکّ فی اعتبار قیدیّة‏‎ ‎‏التوالی فی الأوّل أو التوالی الخاصّ فی الثانیة ـ باعتبار أنّ الهیئة الاتصالیّة، ربّما‏‎ ‎‏تستفاد من اعتبار التوالی بین الأجزاء زائداً علیٰ نفس التوالی؛ لأنّه شیء بین ذوات‏‎ ‎‏الأجزاء بقیاس بعضها إلیٰ بعض، والهیئة تقاس بالقیاس إلیٰ نفس المرکّب ومجموع‏‎ ‎‏الأجزاء، وتکون قائمة بالصلاة والتذکیة والعمرة وهکذا، وبالجملة: مقتضی الشکّ ـ‏‎ ‎‏هو البراءة عن وجوب التوالی، وعن مبدأ اعتبار تلک الهیئة، إلاّ أنّ حلّیة اللحم‏‎ ‎‏منوطة بالسبب الخاصّ، وحرمة اللحم لا ترتفع إلاّ بعد حصول الأجزاء علی الوجه‏‎ ‎‏المحتمل وحلّیة تروک الإحرام أو حرمتها مستدامة إلیٰ أن یقطع ویستیقن بخروجه‏‎ ‎‏عن الإحرام المستصحب، فالبراءة العقلیّة والعقلائیّة غیر جاریة.‏

‏وأمّا البراءة الشرعیّة، فهی مثبتة ولو کان شکّها سبباً للشکّ الاستصحابیّ؛‏‎ ‎‏ضرورة أنّ إمکان تصرّف الشرع فی جزئیّة شیء للسبب الشرعیّ ـ کسببیة التذکیة‏‎ ‎‏للحلّیة، أو العمرة لحلّیة تروک الإحرام ـ ولو کان صحیحاً وجائزاً عندنا، کما تحرّر‏‎ ‎‏فی محله‏‎[1]‎‏، إلاّ أنّ حدیث المثبتیّة لا ینحلّ بذلک کما لا یخفیٰ.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ الإحرام موضوع لحرمة عدّة اُمور، کموضوعیّة الصلاة‏‎ ‎‏لحرمة الضحک وغیره، وإنّ حرمة اللحم قبل التذکیة ممنوعة، وإنّما یعتبر لحلّیة أکل‏‎ ‎‏بعضه إیجادُ عدّة اُمور من البسملة إلیٰ آخرها، فلا استصحاب، ولا مثبتیّة؛ لاندراج‏‎ ‎‏المسألة فی الأقلّ والأکثر.‏

‏ولکن بعد اللتیّا والتی، إن قلنا باستفادة اعتبار الهیئة الاتصالیّة؛ من جهة‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 93
‏التوالی المعتبر بین أجزاء المرکّب علی النحو الوارد فی المرکّبات علی اختلافها،‏‎ ‎‏فالبراءة عن الأکثر تکون مثبتةً بالنسبة إلیٰ حصول تلک الهیئة.‏

‏وإن قلنا بعدم اعتبار الزائد علی التوالی بین الأجزاء علی اختلاف المرکّبات‏‎ ‎‏فی حدود التوالی، فلا یلزم کونها من الأصل المثبت.‏

‏إلاّ أنّ الإنصاف: استنادها من اعتباره بین الأجزاء، بل تکون الهیئة الاتصالیّة‏‎ ‎‏عین التوالی المعتبر، إلاّ أنّ التوالی یقاس بین جزء وجزء، والهیئة تعتبر بالقیاس إلیٰ‏‎ ‎‏مجموع المرکّب بعد اعتباره بین کلّ جزء مع جزء سابق ولاحق.‏

وغیر خفیّ:‏ أنّ الهیئة الاتصالیّة المساوقة للوحدة والوجود ـ بل عین الوجود‏‎ ‎‏والشخصیّة ـ غیر الهیئة الاتصالیّة الاعتباریّة فی الصلاة وغیرها، وذات مراتب‏‎ ‎‏مشکّکة بتشکیک اعتباریّ، فلا یلزم إنکارها فی الصلاة، ولا فی مثل الوضوء‏‎ ‎‏والتیمّم والحجّ والعمرة، وسائر المرکّبات غیر العبادیّة من صیغ الإنشاءات والعقود،‏‎ ‎‏ومثل التذکیة، فافهم واغتنم، فإنّه یلیق به جدّاً.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 94

  • )) یأتی فی الصفحة 431.