مقتضی الأصل فی الهیئة الاتصالیّة
بقی بحث حول الهیئة الاتصالیّة بالمعنی الأعمّ المذکورة بین أفعال الحجّ والعمرة، وهکذا بین أفعال التذکیة، فإنّه وإن کان مقتضی الشکّ فی اعتبار قیدیّة التوالی فی الأوّل أو التوالی الخاصّ فی الثانیة ـ باعتبار أنّ الهیئة الاتصالیّة، ربّما تستفاد من اعتبار التوالی بین الأجزاء زائداً علیٰ نفس التوالی؛ لأنّه شیء بین ذوات الأجزاء بقیاس بعضها إلیٰ بعض، والهیئة تقاس بالقیاس إلیٰ نفس المرکّب ومجموع الأجزاء، وتکون قائمة بالصلاة والتذکیة والعمرة وهکذا، وبالجملة: مقتضی الشکّ ـ هو البراءة عن وجوب التوالی، وعن مبدأ اعتبار تلک الهیئة، إلاّ أنّ حلّیة اللحم منوطة بالسبب الخاصّ، وحرمة اللحم لا ترتفع إلاّ بعد حصول الأجزاء علی الوجه المحتمل وحلّیة تروک الإحرام أو حرمتها مستدامة إلیٰ أن یقطع ویستیقن بخروجه عن الإحرام المستصحب، فالبراءة العقلیّة والعقلائیّة غیر جاریة.
وأمّا البراءة الشرعیّة، فهی مثبتة ولو کان شکّها سبباً للشکّ الاستصحابیّ؛ ضرورة أنّ إمکان تصرّف الشرع فی جزئیّة شیء للسبب الشرعیّ ـ کسببیة التذکیة للحلّیة، أو العمرة لحلّیة تروک الإحرام ـ ولو کان صحیحاً وجائزاً عندنا، کما تحرّر فی محله، إلاّ أنّ حدیث المثبتیّة لا ینحلّ بذلک کما لا یخفیٰ.
اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ الإحرام موضوع لحرمة عدّة اُمور، کموضوعیّة الصلاة لحرمة الضحک وغیره، وإنّ حرمة اللحم قبل التذکیة ممنوعة، وإنّما یعتبر لحلّیة أکل بعضه إیجادُ عدّة اُمور من البسملة إلیٰ آخرها، فلا استصحاب، ولا مثبتیّة؛ لاندراج المسألة فی الأقلّ والأکثر.
ولکن بعد اللتیّا والتی، إن قلنا باستفادة اعتبار الهیئة الاتصالیّة؛ من جهة
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 93
التوالی المعتبر بین أجزاء المرکّب علی النحو الوارد فی المرکّبات علی اختلافها، فالبراءة عن الأکثر تکون مثبتةً بالنسبة إلیٰ حصول تلک الهیئة.
وإن قلنا بعدم اعتبار الزائد علی التوالی بین الأجزاء علی اختلاف المرکّبات فی حدود التوالی، فلا یلزم کونها من الأصل المثبت.
إلاّ أنّ الإنصاف: استنادها من اعتباره بین الأجزاء، بل تکون الهیئة الاتصالیّة عین التوالی المعتبر، إلاّ أنّ التوالی یقاس بین جزء وجزء، والهیئة تعتبر بالقیاس إلیٰ مجموع المرکّب بعد اعتباره بین کلّ جزء مع جزء سابق ولاحق.
وغیر خفیّ: أنّ الهیئة الاتصالیّة المساوقة للوحدة والوجود ـ بل عین الوجود والشخصیّة ـ غیر الهیئة الاتصالیّة الاعتباریّة فی الصلاة وغیرها، وذات مراتب مشکّکة بتشکیک اعتباریّ، فلا یلزم إنکارها فی الصلاة، ولا فی مثل الوضوء والتیمّم والحجّ والعمرة، وسائر المرکّبات غیر العبادیّة من صیغ الإنشاءات والعقود، ومثل التذکیة، فافهم واغتنم، فإنّه یلیق به جدّاً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 94