مقتضی القواعد الأوّلیّة الثبوتیة والشبهات العقلیة فی صورة الإخلال بالمرکّب

ذنابة : فی حکم العجز عن الجزء والشرط

ذنابة : فی حکم العجز عن الجزء والشرط

‏ ‏

‏فی مورد العجز عن الجزء والشرط، فإن کان لدلیل المرکّب والطبیعة إطلاق‏‎ ‎‏دونهما، فعلیه المرکّب بعد صدقه علیٰ ما یتمکّن منه.‏

‏وإن کان لدلیله الإهمال وهکذا لدلیلهما، فالبراءة عن أصل وجوب المرکّب‏‎ ‎‏محکّمة، إلاّ إذا قام دلیل خاصّ ـ من إجماع ونحوه ـ علیٰ أنّه لابدّ من الإتیان به‏‎ ‎‏علیٰ کلّ تقدیر، کما ربّما یقال بذلک فی الصلاة.‏

‏وإن کان لدلیل المرکّب إطلاق، وهکذا لدلیل الجزء والشرط، فقد مرّ تقدّم‏‎ ‎‏الثانی علی الأوّل حسب الطبع‏‎[1]‎‏، إلاّ مع وجود القرینة الخاصّة، کما هو کذلک فی‏‎ ‎‏مثل الصلاة أیضاً.‏

‏ولأحد أن یقول: إنّه ربّما یستفاد إطلاق الجزئیّة والشرطیّة بطریق غیر‏‎ ‎‏خطابیّ، فمع العجز عن الجزء أو الشرط، یکون معذوراً بالنسبة إلیٰ ترک المرکّب،‏‎ ‎‏ولا یجب علیه شیء؛ وذلک مثل ما إذا قیل: ‏«لا صلاة إلاّ بفاتحة الکتاب»‎[2]‎‏ أو‏‎ ‎‏یقال: ‏«لا صلاة لمن لم یقم صلبه»‎[3]‎‏ أو ‏«لا صلاة إلاّ بتکبیرة الافتتاح»‎[4]‎‏.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 111
‏ووجه ذلک: أنّ إفادة الجزئیّة والرکنیّة أجنبیّة عن حالتی العجز والقدرة.‏

‏وربّما یستفاد ذلک بطریق خطابیّ، کما إذا قیل: «تشهّد فی الصلاة» أو «اسجد‏‎ ‎‏فی صلاتک» أو «طف بالبیت إذا اعتمرت» وهکذا، فإنّه تختلف حالتا العجز‏‎ ‎‏والقدرة؛ ضرورة امتناع خطاب العاجز، فیکون إطلاق دلیل الجزء منصرفاً إلیٰ‏‎ ‎‏صورة القدرة، وعندئذٍ یقدّم إطلاق دلیل المرکّب؛ بمعنیٰ أنّه یتعیّن امتثال دلیل‏‎ ‎‏المرکّب؛ لامتناع تصوّر الإطلاق لدلیل الجزء.‏

أقول:‏ یتوجّه إلیه أوّلاً: أنّه ربّما یستفاد من تکفّل الخطاب لشیء من المرکّب؛‏‎ ‎‏أنّه للإرشاد إلی الجزئیّة، من غیر النظر إلیٰ حالة العجز والقدرة کالصورة الاُولیٰ.‏

وثانیاً:‏ أنّ المحرّر فی محلّه إمکان الإطلاق بالنسبة إلیٰ حالة العجز؛ لأنّه‏‎ ‎‏خطاب قانونیّ، وتفصیله محرّر فی مواضع من هذا الکتاب‏‎[5]‎‏، فأصالة الرکنیّة فی‏‎ ‎‏غیر صورة إطلاق دلیل الجزء ممنوعة بالمرّة.‏

‏وتبیّن من البیان الأخیر: أنّه فی صورة العجز عن الجزء والشرط، لا یسقط‏‎ ‎‏أمر المرکّب؛ بتوهّم أنّه لمکان امتناع إطلاق دلیل الجزء، لا یمکن کشف وجود‏‎ ‎‏الأمر بالنسبة إلی المرکّب فی صورة العجز؛ لأنّ التمسّک بالإطلاق، یصحّ فی مورد‏‎ ‎‏أمکن أن یعتبر المولیٰ شیئاً جزءً للمرکّب فیما إذا أفاد الجزئیّة بالخطاب، فمقتضی‏‎ ‎‏القاعدة الأوّلیة ـ بعد وجود إطلاق دلیل المرکّب، وإهمال دلیل الجزء ـ وجوب‏‎ ‎‏الامتثال بالناقص وإن کان عاجزاً عن الإتیان بالجزء، فلیغتنم.‏

وغیر خفیّ:‏ أنّه یظهر ممّا قرّرناه أنّ التفصیل المذکور عن الوحید البهبهانیّ ‏‏رحمه الله‏‎ ‎‏فی مورد نسیان الجزء‏‎[6]‎‏، یرجع إلیٰ ما ذکرناه فی مورد العجز عن الجزء.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 112
‏وأیضاً یتّضح: أنّه لا حاجة إلیٰ ما عن العلاّمة الأراکیّ ‏‏رحمه الله‏‏: «من أنّه علیٰ‏‎ ‎‏تقدیر امتناع الخطاب بالنسبة إلی الناسی فی الجزء المنسیّ، وبالنسبة إلی العاجز فی‏‎ ‎‏مورد العجز عنه، یمکن القول بأصالة الرکنیّة»‏‎[7]‎‏ لأنّ المقدار الممتنع بالنسبة إلیهما‏‎ ‎‏هو الحکم التکلیفیّ، وهو لا ینافی إطلاق الحکم الوضعیّ. هذا مع أنّه لو کان الحکم‏‎ ‎‏الوضعیّ ـ علی الإطلاق، أو فی خصوص دلیل واحد ـ تابعاً للحکم التکلیفیّ، فلا‏‎ ‎‏یمکن التفکیک.‏

‏ولعمری، إنّه ولو کانت الجزئیّة والشرطیّة قابلتین لأن تنالهما ید الجعل‏‎ ‎‏الاستقلالیّ، إلاّ أنّه لو کان الدلیل المتکفّل للتکلیف ذا إطلاق، فلا یعقل الإطلاق‏‎ ‎‏الزائد بالنسبة إلی الوضع؛ لأنّ إطلاق الوضع فی الرتبة المتأخّرة عن إطلاق‏‎ ‎‏التکلیف، والإطلاق الأوّل موضوع للثانی، فالمقیِّد ولو کان العقل غیر المقارن‏‎ ‎‏والارتکاز غیر الواضح، لا یورث بقاء الإطلاق الثانی. مع أنّ مسألة المقیِّد العقلیّ؛‏‎ ‎‏والتفصیل بین البدیهیّ الأوّلی والثانویّ، غیر صحیحة محرّرة فی محلّها‏‎[8]‎‏.‏

فتحصّل:‏ أنّه فی صورة إطلاق دلیل المرکّب، یجب الامتثال عقلاً إذا کان دلیل‏‎ ‎‏الجزء مهملاً، ومجرّد العجز عن القید الصوریّ والتحلیلیّ، لا یورث العذر بالنسبة‏‎ ‎‏إلی الأمر الثابت بعد صدق المرکّب علی المقدار المقدور منه، فلا تغفل.‏

‏فتحصّل إلی الآن: أنّ الإخلال بنقصان جزء من المرکّب بإحدی الطوارئ‏‎ ‎‏الممکنة، لا تثبت أصالة الرکنیّة ـ حسب القواعد العقلیّة، والشبهات الثبوتیّة ـ إلاّ‏‎ ‎‏بمقتضی القواعد الأوّلیة؛ وهی إطلاق دلیل الجزء ولو کان لدلیل المرکّب إطلاق، إلاّ‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 113
‏فی بعض الموارد الخاصّة کالصلاة، حیث ورد عن الشرع: ‏«أنّها لا تترک بحال»‎[9]‎‎ ‎‏فتأمّل.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 114

  • )) تقدّم فی الصفحة 104 ـ 105.
  • )) مستدرک الوسائل 4 : 158 ، کتاب الصلاة ، أبواب القراءة ، الباب 1، الحدیث 5 و 8 .
  • )) وسائل الشیعة 6 : 321 ، کتاب الصلاة ، أبواب الرکوع ، الباب 16 .
  • )) وسائل الشیعة 6 : 14 ، کتاب الصلاة، أبواب تکبیرة الإحرام، الباب 2، الحدیث7.
  • )) تقدّم فی الجزء الثالث : 438 وما بعدها ، وفی الجزء السادس : 250.
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 251 .
  • )) نهایة الأفکار 3: 423 ـ 425.
  • )) تقدّم فی الجزء الخامس: 245 ـ 248.
  • )) وسائل الشیعة 2: 373 ، کتاب الطهارة، أبواب الاستحاضة، الباب 1، الحدیث 5.