مقتضی القواعد الأوّلیّة الثبوتیة والشبهات العقلیة فی صورة الإخلال بالمرکّب

الأمر الثانی : حول حقیقة الصحّة والفساد وکیفیة اتّصاف المرکّب بهما

الأمر الثانی : حول حقیقة الصحّة والفساد وکیفیة اتّصاف المرکّب بهما

‏ ‏

‏قد تحرّر منّا حقیقة الصحّة والفساد وأمثالهما فی المجلّد الأوّل‏‎[1]‎‏، وفی‏‎ ‎‏موضع من المکاسب والبیع.‏

وإجماله:‏ أنّ ما أشتهر: «من أنّ الطبیعة فی النشأة الذهنیّة والمرکّب فی‏‎ ‎‏الوجود الذهنی، لا یوصف بالصحّة والفساد»‏‎[2]‎‏ ممّا لا شبهة تعتریه. وإنّما المرکّب‏‎ ‎‏یوصف بهما بعد الوجود، وإنّما الاشتباه من طائفة الاُصولیّین، وما کان ینبغی لمن‏‎ ‎‏هو یلمس المسائل العقلیّة؛ وهو أنّ الصحّة أمر انتزاعیّ من مطابقة المأتیّ به مع‏‎ ‎‏المأمور به، والفساد فی غیر هذه الصورة.‏

وأنت خبیر:‏ بأنّ حدّ المرکّبات الاعتباریّة والتألیفیّة حدّ المرکّبات الطبیعیّة،‏‎ ‎‏والطبیعیّ یوجد بنفسه فی الخارج، ولا یقاس ولا یطابق بین ما هو الفرد، وما هو‏‎ ‎‏الطبیعة والمرکّب، بل المرکّب یوجد بنفسه فی الخارج، فالإنسان یوجد بنفسه فی‏‎ ‎‏الخارج، وهکذا الصلاة، ولأجل ذلک یصحّ توصیف ما فی الخارج من الصلاة‏‎ ‎‏بـ «الواجب» بعد وجودها، وبـ «أنّها صلاة فریضة وجدت فیه».‏

‏وإنّما تختلف المرکّبات من جهة أنّ بعضاً منها زمانیّ، وبعضاً منها تدریجیّ‏‎ ‎‏الوجود منطبق علی الزمان، کالمرکّبات العقلائیّة والشرعیّة والابتکاریّة، مثل الأذان‏‎ ‎‏والإقامة، فلو کانت الصحّة منتزعة من المطابقة، یلزم أن تکون الأجزاء المعدومة‏‎ ‎‏السابقة منشأً لذلک، ودخیلةً فیه، مع أنّ المعدوم المطلق لا شیء، ولا یحکم علیه‏‎ ‎‏بشیء، فضلاً عن ذلک. وهذا لیس خافیاً علی العرف کی یقال: إنّ المسألة عرفیّة.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 129
‏فعلیٰ ما تحرّر، المرکّب الذی اعتبر له الأجزاء، وتعلّق به الأمر، أو اعتبر سبباً‏‎ ‎‏أو موضوعاً لأمر آخر، قد یوجد تدریجاً بتمام الأجزاء، فإذا تحقّق فی الخارج‏‎ ‎‏ینتزع عنه الصحّة، وإلاّ فلا، فالخارج ظرف انتزاع الصحّة والفساد من غیر کون‏‎ ‎‏الصحّة والفساد جزءین، کما أنّ الخارجیّة ینتزع عن الإنسان العینیّ من غیر دخالة‏‎ ‎‏الخارجیّة فی ماهیّة ذلک المرکّب، کما تریٰ.‏

‏ولنعم ما قیل: «إنّ الصحّة هی التمامیّة»‏‎[3]‎‏ فإنّ معناها هو أنّ المرکّب فی‏‎ ‎‏النسبة الذهنیّة وفی مرحلة التهندس، لیس إلاّ نفس الأجزاء الفانیة فی العنوان‏‎ ‎‏الواحد، کالحجّ والعمرة والصلاة والوضوء، فإذا اشتغل المکلّف مثلاً بإیجادها‏‎ ‎‏وجعلها خارجیّةً، یوجد تدریجاً ذلک المرکّب، فإن حصل فی الخارج بتمامه فقد‏‎ ‎‏أوجد الصحیح والتامّ، وإلاّ فلا، وأمّا حین الاشتغال بإیجاده فهو مشغول بإیجاد‏‎ ‎‏المرکّب، وقد أوجد إلیٰ تلک الحال الوجود الصحیح والمرکّب بتمامه إلی تلک‏‎ ‎‏الحال، وإذا أبطل صلاته وقد أخلّ بإیجاد الوجود الصحیح، ولم یوجد فی الخارج‏‎ ‎‏وجوداً صحیحاً کما لا یخفیٰ؛ فإنّ الأسرار تحت التعابیر.‏

‏فالصحّة التأهّلیة والشأنیّة بالقیاس إلی الأجزاء الفانیة، من الأغلاط، ودعوی‏‎ ‎‏اتصافها بالصفة الاستعدادیّة والقابلیّة والصلاحیة للحوق سائرالأجزاء‏‎[4]‎‏، أوضح غلطاً.‏

‏ولو کان لنا الاعتقاد بما فی کلمات القوم، یمکن الصحّة الفعلیّة بالنسبة إلیٰ‏‎ ‎‏تلک الأجزاء بالنسبة إلی الأوامر الضمنیّة؛ ضرورة سقوط تلک الأوامر تدریجاً، فإذا‏‎ ‎‏أتیٰ ببقیّة الأجزاء سقط الأمر الضمنیّ الأخیر، وإلاّ ینکشف عدم سقوط الأمر‏‎ ‎‏الضمنیّ من الأوّل بتاتاً.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 130

  • )) تقدّم فی الجزء الرابع: 312 ـ 317.
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 2: 457، نهایة الأفکار 1: 74، نهایة الاُصول: 47 و 280 ـ 281.
  • )) کفایة الاُصول : 220، نهایة الدرایة 4: 360.
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 233 ، تهذیب الاُصول 2 : 380 و 381 .