مقتضی القواعد الأوّلیّة الثبوتیة والشبهات العقلیة فی صورة الإخلال بالمرکّب

تذنیب : فی دعوی البراءة عن وجوب المرکّب لتعارض الإطلاقین ودفعها

تذنیب : فی دعوی البراءة عن وجوب المرکّب لتعارض الإطلاقین ودفعها

‏ ‏

‏ربّما یخطر بالبال أن یقال: إنّه لو فرضنا إطلاق دلیل المرکّب، وإطلاقَ دلیل‏‎ ‎‏الجزء، لا یکون الإطلاق الثانی مقدّماً علی الأوّل، وقضیّة القرینة الخروج عن محطّ‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 139
‏البحث، ولاسیّما قرینیّة قوله: ‏«لا تترک الصلاة بحال»‎[1]‎‏ فإنّه راجع إلی القواعد‏‎ ‎‏الثانویّة؛ لتعرّض دلیل المرکّب للحال الطارئة من العجز والاضطرار وغیر ذلک مثلاً.‏

‏وأمّا وجه معارضة الإطلاقین؛ فهو أنّ حقیقة إطلاق دلیل المرکّب لیست إلاّ‏‎ ‎‏أنّ الصلاة واجبة، أو الأذان والإقامة مستحبّان، أو الحجّ والعمرة فرضان، سواء أتیٰ‏‎ ‎‏بالسورة أو لم یأتِ بها، أو أتیٰ بالتکبیرة أو لم یأتِ بها، أو أتیٰ بالشوط السابع أم لم‏‎ ‎‏یأتِ به، وحقیقة إطلاق دلیل الجزء هو أنّ کلّ واحد من المذکورات جزء المرکّب؛‏‎ ‎‏سواء عجز أو قدر، وسواء نسی أو تذکّر، وسواء اضطرّ أو اُکره، أو لم یضطرّ ولم‏‎ ‎‏یکره، وتصیر النتیجة البراءة عن وجوب المرکّب؛ لتعارض الإطلاقین.‏

وفیه:‏ أنّ المحرّر فی محلّه أنّ حقیقة الإطلاق لیست جمع القیود والتسریة،‏‎ ‎‏بل ولا ملاحظة رفض القیود. بل قد ذکرنا فی وجه رجوع اختلاف الأعلام إلیٰ‏‎ ‎‏شیء واحد: أنّ الإطلاق أمر یعتبر من أخذ الطبیعة موضوعاً للحکم؛ بشرط کونه‏‎ ‎‏بصدد بیان مرامه علی ما مرّ تفصیله‏‎[2]‎‏، فعندئذٍ لیس فی المقام إلاّ أنّ الصلاة أو‏‎ ‎‏العمرة فرض، وأنّ السورة جزء للصلاة، والطواف جزء للعمرة، ولا شبهة فی تقدّم‏‎ ‎‏الثانی علی الأوّل؛ لتعرّض الثانی لخصوصیّة فی موضوع الأوّل، فلا تغفل.‏

‏نعم، ربّما یمکن التردّد فی تقدّم الثانی علی الأوّل: وهو فی صورة وجود‏‎ ‎‏الإطلاقات الکثیرة فی ناحیة دلیل المرکّب، والإطلاق الواحد فی دلیل الشرط‏‎ ‎‏والجزء، وهذا ما هو المحکیّ عن شیخ مشایخنا جدّ أولادی ‏‏رحمه الله‏‏ فی باب المطلق‏‎ ‎‏والمقیّد‏‎[3]‎‏.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 140
‏ولا یلزم من هذا الفرض الخروج عن محطّ النزاع؛ لأنّه غیر القرینة التی‏‎ ‎‏تعرّض لها القوم، فإنّها مخصوصة بمرکّب خاصّ، وهذا أمر عامّ فی مطلق المرکّبات‏‎ ‎‏الشرعیّة؛ ضرورة وجود الأدلّة الکثیرة علیٰ مطلوبیّة عنوان المرکّب علی الإطلاق؛‏‎ ‎‏بعد الفراغ عن کون أدلّة المرکّبات ذات إطلاق، ولیست لمجرّد التشریع کما مرّ‏‎[4]‎‏.‏

وعلیٰ کلّ حال:‏ لو تمَّ ما اُفید فی محلّه فلا یتمّ ذلک هنا؛ ضرورة أنّ دلیل‏‎ ‎‏الجزء یتکفّل حدّ الطبیعة وخصوصیّة ذات المرکّب فی اُفق الطلب، لا الاسم‏‎ ‎‏والعنوان، وهذا نظیر ما إذا وردت الأدلّة الکثیرة علیٰ وجوب عتق الرقبة، وورد دلیل‏‎ ‎‏واحد علیٰ أنّ الإیمان جزء محطِّ الأمر، بخلاف ما إذا ورد النهی عن عتق الرقبة‏‎ ‎‏الکافرة، فلیتأمّل.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 141

  • )) تقدّم فی الصفحة 136.
  • )) تقدّم فی الجزء الخامس : 439 وما بعدها.
  • )) لم نعثر علیه فی الدرر ولا فی سائر مظانّه فی هذه العجالة.
  • )) تقدّم فی الصفحة 107.