مقتضی القواعد الثانویة الإثباتیّة فی صورة الإخلال بالمرکّب

مقتضی القواعد الثانویة الإثباتیّة فی صورة الإخلال بالمرکّب

‏ ‏

‏وبقی کلام حول مقتضی القواعد الثانویّة بالنسبة إلی الإخلال بالمرکّب من‏‎ ‎‏المرکّبات التأسیسیّة، کالأذان والإقامة وتسبیحات الزهراء ـ سلام الله علیها أو‏‎ ‎‏العبادیّة الإمضائیّة، کالحجّ والعمرة والصلاة، وغیر العبادیّة الإمضائیّة، کالعقود‏‎ ‎‏والإیقاعات، وغیر ذلک ممّا عرفت.‏

‏وقبل الخوض فی تلک المباحث، لابدّ وأن نشیر إلیٰ أمر زائد علی ما مرّ فی‏‎ ‎‏البحث السابق فی تحریر محطّ البحث‏‎[1]‎‏، ضرورة أنّ الکلام حول الاختلال‏‎ ‎‏والإخلال بالنقیصة والزیادة؛ علیٰ وجه یصدق علیٰ ما فی الخارج عنوان المرکّب،‏‎ ‎‏فلا کلام حول ما إذا عجز عن معظم أجزاء العمرة والحجّ، أو أکثر أجزاء الصلاة‏‎ ‎‏وغیرهما، ولا فی صورة نسیان معظم الأجزاء؛ بحیث لا یصدق علی المأتیّ به‏‎ ‎‏عنوان الصلاة، ضرورة أنّه عند عدم صدق العنوان المذکور، لا تشمله الأدلّة العامّة.‏

‏نعم، ربّما یدلّ علیٰ خصوص بعض المرکّبات، الأدلّةُ الخاصّة المستفاد منها‏‎ ‎‏معنی أعمّ، کما فی صلاة الغرقیٰ، فلا تخلط.‏

‏إذا عرفت ذلک کما اُشیر إلیه اعلم: أنّ میزان القاعدة الأوّلیة والثانویّة أمر ربّما‏‎ ‎‏یکون أصلاً شرعیّاً ـ کالاستصحاب ـ من القاعدة الأوّلیة، ودلیلاً اجتهادیّاً من‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 142
‏القاعدة الثانویّة.‏

‏وقد وقع الخلط فی کلمات القوم هنا؛ وذلک لأنّ القاعدة الأوّلیة هی الأدلّة‏‎ ‎‏المقتضیة لمشروعیّة المرکّبات أو وجوبها، من غیر النظر إلیٰ حال من الأحوال‏‎ ‎‏الطارئة، کالنسیان، والخطأ، والعجز، والاضطرار، والإکراه.‏

‏والقاعدةَ الثانویّة هی الأدلّة المتعرّضة لحال من تلک الأحوال الطارئة بالنسبة‏‎ ‎‏إلی المرکّب، أو مجموع الأحوال علیٰ نحو الدلالة اللفظیّة، کما تریٰ فی قاعدة‏‎ ‎‏حدیث الرفع وغیرها، وهکذا فی روایة: ‏«الصلاة لا تترک بحال»‎[2]‎‏ فإنّها من أدلّة‏‎ ‎‏القواعد الثانویّة؛ لتعرّضها للأحوال الطارئة من الاضطرار والعجز والإکراه والنسیان‏‎ ‎‏وغیرها.‏

‏فعلیٰ هذا، لا یکون الاستصحاب المتمسّک به هنا من أدلّة القواعد الثانویّة؛‏‎ ‎‏ضرورة أنّ مجراه هو إبقاء وجوب المرکّب، فلابدّ أوّلاً من کون المتعذّر بوجه‏‎ ‎‏یصدق معه عنوان المرکّب علی الباقی، وأنّه لا یکون متعرّضاً للحال الطارئة من‏‎ ‎‏العجز وغیره من موارد جریانه محقّقاً أو فرضاً، فإنّ من الممکن إهمال دلیل‏‎ ‎‏المرکّب، وطروّ العجز بالنسبة إلی الجزء الذی یکون لدلیله الإطلاق، أو یمکن أن‏‎ ‎‏یصل المجتهد إلی معارضة الإطلاقین، فیتمسّک بالاستصحاب الحکمیّ وهکذا،‏‎ ‎‏فمثل الاستصحاب الحکمیّ هنا مثل إطلاق دلیل المرکّب، فإنّ مجرّد کون مفاد‏‎ ‎‏الحجّة وجوب الناقص، لا یلزم منه کونه من القواعد الثانویّة، فاغتنم.‏

وإن شئت قلت:‏ إنّ هناک أنظاراً ثلاثة:‏

الأوّل:‏ فی مقتضی القواعد الأوّلیة الاجتهادیّة.‏

والثانی:‏ حول مقتضی القواعد الفقهائیّة والاُصول العملیّة.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 143
والثالث:‏ حول مقتضی الأدلّة والقواعد الاجتهادیّة الثانویّة، فإنّ‏‎ ‎‏المفروض فی القواعد الثانویّة إطلاق دلیل الجزء، وبطلان المرکّب بدونه، وعلیٰ کلّ‏‎ ‎‏حال الأمر سهل.‏

‏إذا تبیّنت هذه النکتة والمیزان فاعلم: أنّ هناک مباحث:‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 144

  • )) تقدّم فی الصفحة 95 ـ 97.
  • )) تقدّم فی الصفحة 136.