ختام فی شرائط الاحتیاط والبراءات الثلاث العقلیّة، والعقلائیّة، والشرعیّة

تتمّة : حول المراتب الأربع للامتثال والطاعة

تتمّة : حول المراتب الأربع للامتثال والطاعة

‏ ‏

‏فی کلام بعض من عاصرناه: «إنّ الامتثال والإطاعة ذو مراتب: مرتبة العلم‏‎ ‎‏التفصیلیّ، ومرتبة العلم الإجمالیّ، ومرتبة الظنّ علی الکشف، ومرتبة الاحتمال»‏‎[1]‎‏.‏

‏ولیس مقصوده التمسّک لإثباته بقاعدة الاشتغال؛ ضرورة أنّه یرجع إلی الشکّ‏‎ ‎‏فی الثبوت، لا السقوط حسب نظراتهم؛ لأنّه یشکّ فی تقیید المأمور به بکونه‏‎ ‎‏معلوماً تفصیلاً، فتندرج المسألة فی الأقلّ والأکثر.‏

‏بل نظره إلی التشبّث بحکم العقل ودرکه، وحکم العقلاء والمتشرّعة، أو إلیٰ‏‎ ‎‏أنّ الإطاعة لا تنتزع فی صورة التمکّن، والامتثال لا یتحقّق عرفاً فی هذه الصورة،‏‎ ‎‏کما أنّ مجرّد استحسان العقل والعقلاء لا یکفی، بل لابدّ من دعویٰ لزومه العقلیّ،‏‎ ‎‏وحکم العقلاء القطعیّ. ولا یتوجّه إلیه: سریانه إلی التوصّلیات، کما لا یخفیٰ.‏

وأیضاً:‏ لا یتوجّه إلیه عدم دخالة الأمر فی القربة؛ لدخالته فی الطاعة‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 208
‏والامتثال بالنسبة إلی الأمر المعلوم فی البین. بل مقتضی الشکّ فی تحقّق الإطاعة‏‎ ‎‏هو الاشتغال؛ بناءً علی اعتبار الإطاعة والامتثال زائداً علی القربة فی العبادات.‏

‏ولکنّ الشأن فی أنّ کلّ ذلک من الدعاویٰ بلا بیّنة وبرهان؛ فإنّ الواجب إتیان‏‎ ‎‏المأمور به قربة إلی الله ؛ من غیر صحّة تقسیم الأمر إلی التوصّلی والتعبّدی.‏

‏هذا مع أنّه یلزم أن یکون للامتثال مراتب کثیرة، بل مراحل غیر متناهیة؛‏‎ ‎‏وذلک لتقدّم العلم التکوینیّ علی العلم التعبّدی النظامیّ، وتقدّم العلم بالحجّة‏‎ ‎‏والأمارة علی الاستصحاب. بل یلزم تقدّم الحجّة الأقوی الموجبة للاطمئنان علی‏‎ ‎‏ما لا توجبه، وتقدّم ما توجب الاطمئنان القویّ علیٰ ما توجب الاطمئنان الضعیف.‏

مثلاً:‏ لو تمکّن من العلم الوجدانیّ بالمیقات، یکون هو مقدّماً علی الحجّة،‏‎ ‎‏وتکون البیّنة الکثیرة المتشکّلة من العدول الموجبة لحصول الوثوق والاطمئنان‏‎ ‎‏بالأقلّ منه وهکذا، وتکون الأمارة متقدّمة علی استصحاب محاذاة محلّ شک فی‏‎ ‎‏محاذاته علی الأمارة، وهکذا الظنّ الأقویٰ علی الأضعف حسب مراتبه ... إلیٰ أن‏‎ ‎‏یصل إلی الاحتمال والوهم.‏

‏ویکفیک ذلک فساداً لمقالة العلاّمة النائینیّ ‏‏رحمه الله‏‏ وغیره‏‎[2]‎‏، والضرورة قاضیة‏‎ ‎‏بکفایة کون المأتیّ به هو المأمور به حذواً بحذو.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 209

  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4: 269.
  • )) نهایة الاُصول : 424 و 433.