تحقیق وتشحیذ : فی أنّ الحجة عند الظفر بالطریق هی احتمال التکلیف أو نفس الطریق
یستحقّ تارک الفحص العقوبة علیٰ ترک الواقع لأجل الاحتمال، فلو فحص وظفر علی الطریق الواصل وتخلّف، فهل حجّة المولیٰ هی الاحتمال، أو الطریق؟
فربّما یلزم من مقالتهم فی بعض المواقف امتناع تنجّز المتنجّز، فلا یعقل أن یکون الطریق حجّة.
وفی کلام العلاّمة الأصفهانیّ قدس سره: «إنّ الاحتمال منجّز المنجّز الموجود فی
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 233
الکتب».
وفیه: أنّ بعد الظفر یکون العلم بالطریق منجّز المنجّز.
ویمکن أن یقال: إنّ الاحتمال منجّز الواقع، ولو ترک الفحص یستحقّ العقوبة لأجله.
وفیه: أنّه بعد وجود الطریق لا یکون الاحتمال منجّزاً؛ لأنّ الشارع عمل بوظیفة، وهی الإیصال بالنحو المتعارف، فما فی الکتاب حجّة علی الواقع والاحتمال هادم لحجّة العبد وهو جهله.
ویجوز دعویٰ: أنّ تکثّر المنجّزات علیٰ شیء واحد جائز، کما مرّ فی محلّه، وما اشتهر: «من أنّ المتنجّز لا یتنجّز ثانیاً» من الأغلاط جدّاً، وقد فصّلنا الکلام حوله فی بحث ملاقی أطراف العلم الإجمالیّ.
إعادة وإفادة
المسألة تحتاج إلی الأمثلة، وهی فی الموقّت والمشروط کصلاة الکسوف والخسوف والزلزلة، فلو احتمل ابتلاءه بها، ولا یدری کیفیّتها، ویکون المفروض عدم حجّیة الاحتیاط کما مرّ، أو عدم إمکانه إذا اتفق الابتلاء.
فإیجاب التعلّم والفحص من ناحیة قاعدة الامتناع بالاختیار لا ینافی الاختیار، اشتباه؛ لأنّه قبل الکسوف لا فعلیّة للحکم، وهکذا قبل الزلزلة، وبعدهما لا حکم فعلیّ؛ لعجزه، فکیف تجری القاعدة بعد عدم صورةٍ لفرض فعلیّة الحکم؟!
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 234
ولا من ناحیة الواجب المعلّق؛ لأنّ مجرّد تصوّر الوجوب المعلّق لا یلزم کونه واجباً معلّقاً إثباتاً، کی یجب قبل الوقت والزلزلة.
ولا من ناحیة المقدّمات المفوّتة؛ لأنّه یتمّ علیٰ تقدیر فعلیّة الحکم فی ظرفه، لیمکن إیجابها ولو کانت مقدّمة وجودیّة، فضلاً عن العلمیّة.
ولا من ناحیة إمکان إیجاب المقدّمة العلمیّة قبل الوقت؛ لأنّ المحرّر مراراً عدم وجوب التعلّم والفحص شرعاً مقدّمة، ولا نفسیّاً؛ لعدم الدلیل علیه وإن کان یمکن ذلک؛ ضرورة أنّ حدیث ترشّح الإرادة المقدّمیة عن الإرادة النفسیّة من الأغلاط؛ فإنّ لکلّ من البعث والإیجاب والإرادة مبادئ خاصّة، وإنّما الإرادة النفسیّة من مبادئ الإرادة المقدّمیة، کما فی «التهذیب».
ولا من جهة رجوع جمیع الواجبات المشروطة إلی الواجبات المقدّمیة لبّاً، فإنّ المدار علیٰ مرحلة الإثبات دون اللبّ، کما هو مختارنا، وفصّلناه فی المجلّد الأوّل.
فما هو وجه درک العقل لزوم التعلّم والفحص قبل الموقت والمشروط، هو الوجه لدرکه فی أصل لزوم الفحص فی الواجبات المطلقة. وربّما لا یدرک ذلک فیها أیضاً، وذلک فی صورة العلم بعدم الابتلاء.
وأمّا التمسّک باستصحاب عدم الابتلاء، أو عدم تنجّز التکلیف، أو عدم وجوب ما یحتمل وجوبه قبل الفحص، أو عدم تحقّق الکسوف والخسوف والزلزلة، فلا یصحّ وإن کان یمکن تصحیحه حسبما هو المختار فی حقیقة الاستصحاب، فراجع.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 235