ختام فی شرائط الاحتیاط والبراءات الثلاث العقلیّة، والعقلائیّة، والشرعیّة

تحقیق وتشحیذ : فی أنّ الحجة عند الظفر بالطریق هی احتمال التکلیف أو نفس الطریق

تحقیق وتشحیذ : فی أنّ الحجة عند الظفر بالطریق هی احتمال التکلیف أو نفس الطریق

‏ ‏

‏یستحقّ تارک الفحص العقوبة علیٰ ترک الواقع لأجل الاحتمال، فلو فحص‏‎ ‎‏وظفر علی الطریق الواصل وتخلّف، فهل حجّة المولیٰ هی الاحتمال، أو الطریق؟‏

‏فربّما یلزم من مقالتهم فی بعض المواقف امتناع تنجّز المتنجّز، فلا یعقل أن‏‎ ‎‏یکون الطریق حجّة.‏

‏وفی کلام العلاّمة الأصفهانیّ ‏‏قدس سره‏‏: «إنّ الاحتمال منجّز المنجّز الموجود فی‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 233
‏الکتب»‏‎[1]‎‏.‏

وفیه:‏ أنّ بعد الظفر یکون العلم بالطریق منجّز المنجّز.‏

‏ویمکن أن یقال: إنّ الاحتمال منجّز الواقع، ولو ترک الفحص یستحقّ العقوبة‏‎ ‎‏لأجله‏‎[2]‎‏.‏

وفیه:‏ أنّه بعد وجود الطریق لا یکون الاحتمال منجّزاً؛ لأنّ الشارع عمل‏‎ ‎‏بوظیفة، وهی الإیصال بالنحو المتعارف، فما فی الکتاب حجّة علی الواقع‏‎ ‎‏والاحتمال هادم لحجّة العبد وهو جهله.‏

ویجوز دعویٰ:‏ أنّ تکثّر المنجّزات علیٰ شیء واحد جائز، کما مرّ فی‏‎ ‎‏محلّه‏‎[3]‎‏، وما اشتهر: «من أنّ المتنجّز لا یتنجّز ثانیاً»‏‎[4]‎‏ من الأغلاط جدّاً، وقد‏‎ ‎‏فصّلنا الکلام حوله فی بحث ملاقی أطراف العلم الإجمالیّ‏‎[5]‎‏.‏

‏ ‏

إعادة وإفادة

‏ ‏

‏المسألة تحتاج إلی الأمثلة، وهی فی الموقّت والمشروط کصلاة الکسوف‏‎ ‎‏والخسوف والزلزلة، فلو احتمل ابتلاءه بها، ولا یدری کیفیّتها، ویکون المفروض‏‎ ‎‏عدم حجّیة الاحتیاط کما مرّ، أو عدم إمکانه إذا اتفق الابتلاء.‏

‏فإیجاب التعلّم والفحص من ناحیة قاعدة الامتناع بالاختیار لا ینافی‏‎ ‎‏الاختیار، اشتباه؛ لأنّه قبل الکسوف لا فعلیّة للحکم، وهکذا قبل الزلزلة، وبعدهما لا‏‎ ‎‏حکم فعلیّ؛ لعجزه، فکیف تجری القاعدة بعد عدم صورةٍ لفرض فعلیّة الحکم؟!‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 234
‏ولا من ناحیة الواجب المعلّق؛ لأنّ مجرّد تصوّر الوجوب المعلّق لا یلزم‏‎ ‎‏کونه واجباً معلّقاً إثباتاً، کی یجب قبل الوقت والزلزلة.‏

‏ولا من ناحیة المقدّمات المفوّتة؛ لأنّه یتمّ علیٰ تقدیر فعلیّة الحکم فی ظرفه،‏‎ ‎‏لیمکن إیجابها ولو کانت مقدّمة وجودیّة، فضلاً عن العلمیّة.‏

‏ولا من ناحیة إمکان إیجاب المقدّمة العلمیّة قبل الوقت؛ لأنّ المحرّر مراراً‏‎ ‎‏عدم وجوب التعلّم والفحص شرعاً مقدّمة، ولا نفسیّاً؛ لعدم الدلیل علیه وإن کان‏‎ ‎‏یمکن ذلک؛ ضرورة أنّ حدیث ترشّح الإرادة المقدّمیة عن الإرادة النفسیّة من‏‎ ‎‏الأغلاط؛ فإنّ لکلّ من البعث والإیجاب والإرادة مبادئ خاصّة، وإنّما الإرادة‏‎ ‎‏النفسیّة من مبادئ الإرادة المقدّمیة، کما فی «التهذیب»‏‎[6]‎‏.‏

‏ولا من جهة رجوع جمیع الواجبات المشروطة إلی الواجبات المقدّمیة لبّاً،‏‎ ‎‏فإنّ المدار علیٰ مرحلة الإثبات دون اللبّ، کما هو مختارنا، وفصّلناه فی المجلّد‏‎ ‎‏الأوّل‏‎[7]‎‏.‏

‏فما هو وجه درک العقل لزوم التعلّم والفحص قبل الموقت والمشروط، هو‏‎ ‎‏الوجه لدرکه فی أصل لزوم الفحص فی الواجبات المطلقة. وربّما لا یدرک ذلک فیها‏‎ ‎‏أیضاً، وذلک فی صورة العلم بعدم الابتلاء.‏

‏وأمّا التمسّک باستصحاب عدم الابتلاء، أو عدم تنجّز التکلیف، أو عدم‏‎ ‎‏وجوب ما یحتمل وجوبه قبل الفحص، أو عدم تحقّق الکسوف والخسوف والزلزلة،‏‎ ‎‏فلا یصحّ وإن کان یمکن تصحیحه حسبما هو المختار فی حقیقة الاستصحاب‏‎[8]‎‏،‏‎ ‎‏فراجع.‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 235

  • )) نهایة الدرایة 4: 414 ـ 415.
  • )) تهذیب الاُصول 2: 424 و 425.
  • )) تقدّم فی الجزء السابع: 504 ـ 505.
  • )) نهایة الأفکار 3: 358 ـ 360.
  • )) تقدّم فی الجزء السابع: 504 وما بعدها.
  • )) تهذیب الاُصول 1: 200 و 2 : 427.
  • )) تقدّم فی الجزء الثالث: 64 وما بعدها.
  • )) یأتی فی الصفحة 405 ـ 406.