بقی شیء : فی سقوط «لا ضرر» عن الفائدة الخاصة به
لو کان «لا ضرر» لدفع الدخل وجواباً عن الاعتراض بالنسبة إلیٰ ضرب القوانین الضرریّة ـ وذلک لظهوره فی النفی، ولا یکون هو إلاّ حقیقة؛ لما لا معنیٰ لحمله علی الادعاء والمجاز المشهور ـ یجوز دعویٰ: أنّ قوله صلی الله علیه و آله وسلم: «لا ضرار» أیضاً بالنسبة إلی الموارد الضرریّة حسب الإطلاقات والعمومات، کالوضوء الضرریّ، واللزوم الضرریّ، والعموم الضرریّ أیضاً، جواب عن الإشکال المقدّر المتوجّه إلیٰ وجود الأحکام الضرریّة.
وفیه: أنّ الجملة الثانیة ظاهرة، کما عرفت فی النهی.
نعم، یمکن دعویٰ شمول «لا ضرر» لدفع الدخل عن ضرریّة الأحکام الضرریّة الآتیة من الإطلاق والعموم أیضاً، فتصیر النتیجة عکس المقصود، وعلیٰ هذا لا استبعاد فی ضرب القاعدة الناهیة عن الضرار، مع ضرب القوانین الضرریّة بذاتها والمبنیّة علی الضرر، کالزکاة والخمس والحج والجهاد والکفّارات، وهکذا الأحکام الضرریّة بإطلاقها وعمومها، فلا یتمّ الوجه المذکور المبدع.
اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ کلّ ذلک علیٰ فرض کون الجملة الاُولیٰ مبیّنة، ولکن بعد کونها مجملة لا یترتّب علیه شیء.
وفیه: أنّه بعد وجود الأحکام الضرریّة الذاتیّة کما عرفت، لا موقف للاستنباط المذکور والاستبعاد المزبور.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 291
فبالجملة: سقطت قاعدة «لا ضرر» وقانون «لا ضرار» عن کونها حاکمة، أو مشرّعة ومحدّدة، أو موجبة بسط ید الفقیه فی الأحکام الضرریّة الإلهیّة، بل القدر المتیقّن من الجملة الثانیة هو النهی، ومن الاُولیٰ دفع الدخل والوهم؛ سواءً کان الخبر المحذوف عامّاً، أو خاصّاً بالأحکام الإسلامیّة المضروبة بین الخالق والمخلوقین، أو الأحکام الإسلامیّة المضروبة بین المخلوقین بعضهم مع بعض.
وهم ودفع
لأحدٍ أن یقول: بأنّ هذه القاعدة لدفع الدخل بالنسبة إلی الأحکام الضرریّة الذاتیّة، ولتحدید الأحکام الضرریّة الآتیة من الإطلاقات والعمومات؛ وذلک لأنّها بالقیاس إلی الاُولیٰ ممّا لابدّ منه؛ فراراً من اللغویّة، دون الثانیة؛ لإمکان التحکیم والتقیید والتحدید فی النتیجة.
وأنت خبیر: بأنّه مجرّد الرجم بالغیب، ولا شاهد علیه إلاّ فهم الأصحاب، وهو غیر حجّة. مع ما عرفت من إجمال الجملة الاُولیٰ، وعدم حسن النهی تشریعاً عن الإضرار الشخصیّ، مع ضرب القوانین الضرریّة الکثیرة الشخصیّة، فلا تغفل.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 292