تذنیب : فی تعنون العامّ أو المطلق بضدّ الخاصّ
لو قلنا: بأنّ العامّ أو المطلق یعنون بضدّ الخاصّ عرفاً، أو فرضنا تعنونه به، فإن کان موضوع الحکم أمراً مرکباً ومقیّداً، کما یقال: «المرأة القرشیّة تحیض إلی الستّین، والمرأة غیر القرشیّة تحیض إلی الخمسین» وهناک امرأة مردّدة بین أنّها قرشیّة أو غیر قرشیّة، أو البهیمة المذکّاة وغیر المذکّاة، فإن اُرید سلب المذکّاة فیلزم کونه من الأصل المثبت.
وإن جعل الشکّ فی الجزء موجباً للشکّ فی الکلّ والمرکّب، یلزم التعارض فی مورد المرأة المردّدة والحیوان المشکوک فیه؛ ضرورة أنّه یصحّ أن یقال: «هذا الحیوان لم یکن مذکّیٰ» إلاّ أنّه لا یحرز به المعنی الحرفیّ والتقیّد. مع أنّه یلزم المعارضة کما مرّ.
وإن اعتبر أنّ الشک فی أنّ زیداً العالم العادل هل هو عادل أم لا؟ یستلزم الشکّ فی أنّ زیداً عالم عادل أم لا، کما هو کذلک قهراً، تلزم المعارضة، ولا یلزم کون الأصل مثبتاً، کما إذا شکّ فی أنّ زیداً مسافر أم حاضر، فإنّ استصحاب أنّه لم یکن مسافراً فلا یقصر جارٍ، إلاّ أنّه یعارضه استصحاب أنّه لم یکن حاضراً فلا یتمّ، فاغتنم.
فذلکة
بعدما أعتذر للقارئ الکریم عن الإطالة حول هذا البحث القدیم.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 501
أقول: إنّ نسبة الخاصّ والمقیّد إلی العامّ والمطلق، لا تخلو بحسب الأنظار من رجوع القید إلی العامّ والمطلق، فیکون عنوانٌ واحدٌ أو إلی العنوانین والتنویع، أو یفصّل حسب کون مفاد هیئة الخاصّ حکماً إلزامیّاً، أو مجرّد إخراج مورده عن الإلزام المتوهّم عموماً حسب العامّ، أو یبقیٰ علیٰ صورتهما الواردة فی الکتاب والسنّة. وما هو الأخیر هو الحقّ فی العامّ والخاصّ والمطلق والمقیّد.
واستصحاب العدم الأزلیّ ینفع ویفید هنا، ولا یجری، أو یکون له المعارض إلاّ فی الفرض الأخیر، فإنّه لا نرید من الاستصحاب إلاّ اصلاح التمسّک بالعامّ والمطلق فی الشبهة المصداقیّة.
إن قلت: هذا من الأصل المثبت، أو أسوأ حالاً.
قلت أوّلاً: لازم ذلک عدم جریانه فی العدم النعتیّ وفی الخاصّ لو قلنا بسرایة العنوان فی المطلق.
وثانیاً: هذا من تبعات خروج مورد الشبهة عن حکم المخصّص والمقیّد.
وبعبارة اُخریٰ: هنا محطّ ضمّ الوجدان إلی الأصل دون غیر المقام؛ ضرورة أنّ هذه المذبوحة شاة، وهی حسب الإطلاق حلال وطاهرة، وحسب دلیل القید إذا کانت میتة تحرم وتنجس، وإذا جری الأصل علیٰ أنّها ما کانت میتة تخرج عن دلیل تحریم المیتة وتنجیسها، ویتمسّک بالعامّ.
هذا مع أنّا ذکرنا جواز التمسّک بالعامّ فی الشبهة المصداقیّة، کما أنّا نقول بحجّیة الأصل المثبت. هذا ما عندنا، وتحقیق فقه المسألة یطلب منه.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 502