المقصد الحادی عشر فی الاستصحاب

بقی شیء : فی إبداع استصحاب یسمّی بالمنعکس

بقی شیء : فی إبداع استصحاب یسمّی بالمنعکس

‏ ‏

‏لک إجراء الاستصحاب المنعکس، وهو غیر الاستصحاب المتعارف، وغیر‏‎ ‎‏الاستصحاب القهقریّ، بل هو فی الوقت الحاضر علیٰ یقین بحدوث النهار بعد ثلاث‏‎ ‎‏ساعات، فالیقین مضیٰ، فیستصحب ویقال: «هذا الوقت من النهار؛ لأنّ ذاک الوقت‏‎ ‎‏من النهار» کمایقال: «ذاک الوقت من اللیل» ولایعتبر عنوان البقاء کما اُفید‏‎[1]‎‏، فاغتنم.‏

‏ولو لم یکن هذا جاریاً فهو لأجل الانصراف وأشباهه، فیتعارض‏‎ ‎‏الاستصحابان کما یأتی إن شاء الله تعالیٰ.‏

المشکلة الثالثة:‏ وهی القضیّتین المتشکّلتین الیقینیّة والمشکوک فیها تارة:‏‎ ‎‏یکون الموضوع فیهما عنوان «الزمان والوقت» فیقال: «کان وقت صلاة الظهر‏‎ ‎‏موجوداً» أو «زمان وجوب الإمساک موجوداً، فهل ذاک الزمان موجود بعدُ أم لا؟»‏‎ ‎‏حتّیٰ فی الاستصحاب الاستقبالیّ أو غیره.‏

واُخریٰ:‏ یکون الموضوع صفة الزمان ونعت الوقت کـ «النهار، واللیل،‏‎ ‎‏والشهر» وعندئذٍ کیف یعقل إجراء الاستصحاب مع احتمال کونه فی أثناء الوقت‏‎ ‎‏والزمان؟! فلابدّ من مضیّ المجموع الموصوف وهی القطعة المذکورة کی یجری‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 514
‏الاستصحاب أو یشکّ. مع أنّه بعد مضیّ المجموع لا معنیٰ للشکّ والاستصحاب.‏

‏وتنحل بماتحرّر فیالاُمورالقارّة الفانیة فیها الأجزاء المتشخّصة بهویّة‏‎ ‎‏واحدة، فیشار إلیٰ جزء من البیت ویقال: «هذا البیت ملکی» أو «لأبی» أو «هذا‏‎ ‎‏المسجد الحرام» مع أنّ المشار إلیه بعض البیت والمسجد، وحیث تریٰ صحّة هذا‏‎ ‎‏فی القارّات، فالأمر کذلک فی الاُمور غیر القارّة، ومنها الزمان والوقت، فیصحّ أن‏‎ ‎‏یقال: «وقت فریضة الظهر موجود تعبّداً عند الشکّ» بعد العلم بأنّ الهویّة الشخصیّة‏‎ ‎‏موجودة.‏

‏وإنّما کان فی الحقیقة ما هو سرّ الفرق: هو أنّه فی مثل مفاد «کان» التامّة‏‎ ‎‏موضوع العلم والشکّ ـ أی القضیّتین ـ عنوان، إلاّ أنّه فی الاُمور القارّة یتحقّق الشیء‏‎ ‎‏مجتمع الأجزاء عَرْضاً، وفی الاُمور غیر القارّة غیر مجتمع الأجزاء عرضاً مع‏‎ ‎‏الوحدة الشخصیّة.‏

‏فتحصّل لحدّ الآن: أنّ الإشکال علیٰ جریان الاستصحاب تارة: لأجل فقد‏‎ ‎‏الشرط؛ وهو وحدة الموضوع.‏

واُخریٰ:‏ لاعتبار شرط آخر فیه؛ وهو الشک فی البقاء، وهو غیر متصوّر فیه.‏

وثالثة:‏ للزوم الخلف، کالإشکال الأخیر المختصّ بزمان الواجب؛ سواء کان‏‎ ‎‏ظرفاً، أو قیداً.‏

ورابعة:‏ من جهة فقد الشرط من ناحیة عدم إمکان الإشارة إلی الخارج فی‏‎ ‎‏الهلیّات البسیطة والمرکّبة، وقد عرفت عدم اعتبار لزوم الإمکان المذکور. وفی‏‎ ‎‏الهلیّة المرکّبة یشکل الجریان بالمرّة، إلاّ علی وجه اُشیر إلیه، وأمرنا بالتأمّل فیه.‏

‏وهنا تقریب آخر للإشکال: وهو أنّ المستفاد من أدلّة الاستصحاب، هو‏‎ ‎‏الشکّ فی الزمان المتأخّر بالنسبة إلیٰ مفاد القضیّة فی الزمان السابق، فکیف یجری‏‎ ‎‏بالنسبة إلیٰ ذات الزمان؟! للزوم کون الزمان زمانیّاً، وأن یکون الزمان فی الزمان،‏

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 515
‏وللزمان زمان وهکذا. وحلّ الأخیر أیضاً یظهر من ملاحظة أنّ ماهیة الاستصحاب‏‎ ‎‏لیست إلاّ القضیّتین المجرّدتین من الزمان قیداً وإن کانتا فی الزمان.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 516

  • )) تقدّم فی الصفحة 405 ـ 406 و 510 ـ 511 .