ثانیها : فی بیان محلّ النزاع
إنّ محلّ النزاع؛ هو أنّ التکلیف المعلوم بالعلم التفصیلیّ، کما یکون متنجّزاً عند کافّة العقول، ولا قصور من ناحیة العلم فی تنجیزه، فهل إذا کان ذاک التکلیف مورد العلم الإجمالیّ، یلزم قصور فی تنجّزه لأجل إجمال العلم، أم لا؟
فما هو مورد البحث؛ هو الفحص عن قصور العلم وعدمه، وأمّا المعلوم فلا قصور فیه، ویکون حکماً فعلیّاً.
إن قلت : ربّما یشکل ثبوت الفعلیّة لأجل الإجمال؛ لاحتمال کون الفعلیّ هو الواصل بالتفصیل، فلو کان البحث بعد الفراغ عن الفعلیّة، للزم منه الإقرار بالتنجیز طبعاً.
قلت أوّلاً : قد تحرّر منّا فی المجلّد الأوّل معنی الشأنیّة والفعلیّة، وأثبتنا
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 173
هناک أنّ من الفعلیّة، الأحکامَ الصادرة عن المبادئ الإلهیّة للإجراء، والمبلّغة للاُمّة وإن لم تصل إلینا للموانع الطبیعیّة الخارجیّة، فإنّها لاتخرج عن الفعلیّة بعدم الوصول المزبور، فلاتـتقوّم الفعلیّة بالوصول حتّیٰ تلزم الشبهة المذکورة.
وثانیاً : أنّ الجهة المبحوث عنها؛ هی أنّ حیثیّة إجمال العلم، هل تستلزم قصوراً ولو تقدیراً؛ بمعنیٰ أنّ التکلیف المعلوم بالإجمال، لو کان معلوماً بالتفصیل یکون فعلیّاً، فهل الإجمال فی العلم یورث منع الفعلیّة، أم لا؟
فبالجملة : ما ربّما یتخیّل من أنّ من الأصحاب من ارتکب الخلط، وقال: بأنّ العلم الإجمالیّ لایؤثّر فی شیء من الأطراف؛ لأنّ المعلوم بالإجمال هی المرتبة الاُولیٰ من الحکم، وهی مرتبة الإنشاء، وعلیٰ هذا لا منع من جریان الاُصول النافیة فی جمیع الأطراف؛ لأنّها تنفی المرتبة الثانیة من الحکم فهو ـ لو صحّت النسبة ـ غیر تامّ تحقیقاً، کما سیظهر .
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 174