المقصد الثامن فی الظنّ

ذنابة : فی حلّ المشکلة من ناحیة قواعد الحلّ والطهارة والبراءة

ذنابة : فی حلّ المشکلة من ناحیة قواعد الحلّ والطهارة والبراءة

‏ ‏

‏فی موارد قاعدتی الحـلّ والطهارة، لایمکن الفرار من المعرکة إلاّ إذا قلنا:‏‎ ‎‏بأنّ النسبة بینها وبین الأحکام الواقعیّة عموم من وجه، وهکذا فی مورد حدیث‏‎ ‎‏الرفـع، فإنّ الجمـع بینها وبیـن الواقعیّـات مع المحافظة علیها،والالتزام بأنّها‏‎ ‎‏فعلیّـات بالنسبة إلی الکـلّ علیٰ نهج واحد؛ سواء صارت منجّزة ، أم لم تصر‏‎ ‎‏منجّزة، فکما أنّ المقصّر محکوم بها ویعاقب، کذلک الجاهل المرکّب محکوم بها،‏‎ ‎‏ولایعاقب للعذر.‏

وبالجملة:‏ الجمع بینها وبین القواعد الثلاث، غیر ممکن إلاّ علی الوجه‏‎ ‎‏المشار إلیه.‏

‏ویظهر من «الدرر» لجدّ أولادی وشیخ مشایخنا ‏‏قدس سره‏‏ الارتضاء بهذا الوجه‏‎[1]‎‏،‏‎ ‎‏ویظهر منه أنّه یتمّ فی باب الطرق والأمارات، وهو خالٍ من التحصیل؛ ضرورة أنّه‏‎ ‎‏فی باب الطرق والأمارات، لیس الشکّ موضوعاً لحکم؛ حتّیٰ یلزم منه العموم من‏‎ ‎‏وجه المفید فی المقام.‏

‏نعم، فی مثل قاعدة الحلّ والطهارة وحدیث البراءة، یمکن ذلک، ولکنّه خلاف‏‎ ‎‏الظاهر من أدلّتها، ولاسیّما حدیث الرفع فإنّه ظاهر فی أنّ ما لا یعلمون هو‏‎ ‎‏المرفوع، وهو الحکم إذا کان مجهولاً، فیلزم عدم اشتراک العالم والجاهل فی الحکم‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 255
‏إلاّ الجاهل المقصّر؛ فإنّ حدیث الرفع لایشمله إجماعاً.‏

‏فعلیٰ هذا، یدور حلّ الغائلة بین القول: بأنّ النسبة عموم من وجه، فإنّه حینئذٍ‏‎ ‎‏تنحفظ الواقعیّات، علیٰ إشکال فیه محرّر منّا فی أواخر مباحث القطع‏‎[2]‎‏، وبین‏‎ ‎‏الالتزام بتجاوز الشرع عن واقعیّاته فیموارد جعل الحلّیة والطهارة وحدیث الرفع؛‏‎ ‎‏لأجل اقتضاء الأدلّة ذلک حسب الظاهر، فإن تمّ إجماع أو تواتر الأخبار علی‏‎ ‎‏الاشتراک فی هذه المرحلة ، فالأوّل متعیّن، وإلاّ فالأخذ بالثانی أقرب إلیٰ ذوق‏‎ ‎‏العرف وفهم العقلاء، فافهم واغتنم.‏

‏وأمّا التفصیل بین الأحکام الإنشائیّة والشأنیّة ، والفعلیّة المنجّزة، کما یظهر‏‎ ‎‏من «الکفایة» والالتزام بأنّ المشترک هو الثانی‏‎[3]‎‏، فلایرجع إلیٰ محصّل؛ لما تحرّر‏‎ ‎‏منّا فی محلّه من معنی الشأنیّة والفعلیّة‏‎[4]‎‏، ولما مضی: من أنّ ماهو المشترک‏‎ ‎‏والمدّعیٰ علیه الإجماع وتواتر الأخبار، هو الحکم الموجب لعقاب الجاهل‏‎ ‎‏المقصّر‏‎[5]‎‏، فیکون فعلیّاً بمعنیٰ واقع کلمة «الفعلیّة» وهذا الحکم أیضاً فعلیّ بالقیاس‏‎ ‎‏إلی الجاهل المرکّب القائم عنده الطریق، ولکنّه معذور.‏

‏ولأنّه لو فرضنا ثبوتاً تصویر المراتب الثلاث للحکم بعد خروج الاقتضاء‏‎ ‎‏والتنجز عنه، فلا دلیل علیه إثباتاً، ولا مشابه له بین الأحکام القانونیّة العرفیّة، ولا‏‎ ‎‏الأحکام الشخصیّة بین الموالی والعبید، کما تریٰ.‏

فبالجملة تحصّل :‏ أنّ الترخیص المستفاد من هذه الأدلّة الظاهریّة، إن کان‏‎ ‎‏مورده متعلّق الأحکام الواقعیّة، فلا یعقل حلّ المعضلة بوجه من الوجوه حتّیٰ‏‎ ‎‏بالخطابات القانونیّة؛ لما عرفت: من أنّ سرّ حلّ المشکلة بها، تحت کون مورد‏‎ ‎


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 256
‏الإمضاء فیها، معنیٰ لایلازم المتعلّقات للأحکام الواقعیّة، بل هو أعمّ، فإنّ مورد‏‎ ‎‏الأمر الطریقیّ أعمّ من الإصابة واللا إصابة، ومورد الأمر النفسیّ أیضاً أعمّ من إقامة‏‎ ‎‏الطریق علیه، وعدمها، وأعمّ من کون الطریق عقلائیّاً، أو عقلیّاً، وهذا هو مرادنا من‏‎ ‎‏«العموم من وجه» فی کلامنا السالف‏‎[6]‎‏، فافهم، ولاتخلط.‏

‏وفی المقام إن أمکن ذلک ـ فیکون المعنی المرخّص فیه أیضاً أعمّ من‏‎ ‎‏العناوین الواقعیّة ـ فهو، وإلاّ فلاینحلّ الإشکال بالخطابات القانونیّة، ولا بالجعل‏‎ ‎‏القانونیّ، کجعل الحلیّة والطهارة والمرفوعیّة، والله هو الموفّق المؤیّد.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 257

  • )) درر الفوائد ، المحقّق الحائری : 352 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 188 ـ 190 .
  • )) کفایة الاُصول : 113 و 320 ـ 321 .
  • )) تقدّم فی الجزء الثالث : 430 ـ 431 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 249 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 253 ـ 254 .