الشبهة الثانیة : فی انتفاء الحجّیة مع الظن بالخلاف
أنّ حصول الظنّ بالخلاف، یورث سقوط الکلام عن الاحتجاج؛ وذلک لأنّ الظنّ لا یحصل إلاّ بمبدأ خارجیّ؛ ولأجل قرینة خاصّة، أو عامّة، وعند ذلک یعدّ الکلام مقروناً بالقرینة الصالحة لسقوطه عن الصلاحیة المزبورة.
وبالجملة: لا أقلّ من الشکّ فی بناء العقلاء، فیشکّ فی الحجّیة مستنداً إلی المناشئ الموجودة.
والذی هو الحقّ: أنّ حجّیة الکلام بمجرّد الظنّ بالخلاف، غیر قابلة للإنکار، بل الوثوق والاطمئنان الناشئ من الأسباب المردوعة ـ کالجفر، والرمل ـ فی حکم الظنّ أیضاً؛ ضرورة أنّ البیان الذی علی المولیٰ، حاصل وواصل بوصول الخبر والآیة والروایة، فتکون الحجّة تامّة، إلاّ إذا اُحرز ما یقوم علیٰ خلافه، أو کان ما یوجب الظنّ بالخلاف، من المناشئ العقلائیّة.
فعلیه یفصّل بین صورتی استناد الظنّ إلی المبدأ والمنشأ العقلائیّ، وما یستند إلی المناشئ غیر العقلائیّة. وفی صورة الشکّ فیما هو المنشأ، لابدّ من الالتزام بتمامیّة البیان بالضرورة.
والسرّ کلّه: أنّ امتناع العقاب علی المولیٰ لا یحصل، وإمکان عقابه لا ینسدّ إلاّ فی صورة قیام القرینة الصالحة لإسقاط الکلام عن صلاحیة کونه مراداً جدّاً؛ وذلک فیما إذا اقترن بما یصلح للقرینیّة، کالأمر عقیب الحظر، وأمثاله ممّا یکون متعارفاً فی المراسلات بین الأقوام والموالی والعبید، دون الاُمور الاُخر التی ربّما ترجع إلیٰ اختلاف الناس مزاجاً، أو اختلافهم روحاً وعقیدة، فإنّ حصول الظنّ بالخلاف، ربّما یستند إلیٰ أمثال هذه المسائل، فلا تخلط.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 316