المقصد الثامن فی الظنّ

تذیـیل : حول الشهرة العملیة

تذیـیل : حول الشهرة العملیة

‏ ‏

قد ذکرنا:‏ أنّ من الشهرة ما تسمّیٰ «بالشهرة العملیّة»‏‎[1]‎‏ والمراد منها ما تکون‏‎ ‎‏من الشهرة الفتوائیّة المستندة إلی الروایة غیر المسندة. وقد اختار سیّدنا الاُستاذ‏‎ ‎‏البروجردی ‏‏قدس سره‏‏ أنّ من تلک الشهرة، صورةَ توافق الفتوی المشهورة مع الروایة‏‎ ‎‏الموجودة ولو لم تکن مستندة إلیها، فإنّها أیضاً من الشهرة العملیّة‏‎[2]‎‏.‏

وغیر خفیّ:‏ أنّ الشهرة العملیّة هی الشهرة الفتوائیّة، مع کونها مستندة إلیٰ ما‏‎ ‎‏هو سندها، ولا یحتمل فی حقّهم استنادهم إلیٰ أمر آخر، کاشتهار الحکم بین‏‎ ‎‏مشایخهم، ووصوله إلیهم، فعلیٰ هذا یقع البحث فی أنّ تلک الشهرة، توجب انجبار‏‎ ‎‏السند؛ وجبر ضعف الخبر المشهور أحیاناً فی سنده، أم لا؟‏

ثمّ تارة:‏ لا یکون فی قبال الشهرة المذکورة أخبار صحیحة اُخریٰ.‏

واُخریٰ:‏ توجد الصحاح.‏

‏فهل فی صورة قیام الشهرة العملیّة الجابرة لضعف الروایة المستند إلیها، یلزم‏‎ ‎‏کسر سند تلک الأخبار، ووهن حجّیة تلک الصحاح حتّیٰ تکون الشهرة العملیّة‏‎ ‎‏جابرة لتلک الروایة، وکاسرة للأخبار المقابلة، أم لا؛ فتکون الشهرة العملیّة جابرة‏‎ ‎‏فقط، ولیست کاسرة؟‏

‏ثمّ إنّه هل تثبت الملازمة بین کون الشهرة العملیّة کاسرة، وبین کاسریّة‏‎ ‎‏الشهرة الفتوائیّة، أم لا، فیمکن التفکیک بأن لا تکون الشهرة العملیّة کاسرة، دون‏‎ ‎‏العکس؟ وأمّا لو کانت الشهرة العملیّة کاسرة، فالفتوائیّة أولیٰ بها.‏


کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 388
‏إذا تبیّنت جهات البحث الکبرویّ، نقول قبل الخوض فیها: إنّه ربّما یقال: إنّ‏‎ ‎‏حجّیة الشهرة الفتوائیّة، تستلزم کاسریّة الشهرة وجابریّتها، وبعد الفراغ من حجّیتها،‏‎ ‎‏لا وجه للبحث عن الجابریّة والکاسریّة فی المقام، کما إذا قلنا بعدم حجّیة الشهرة‏‎ ‎‏الفتوائیّة، فلا معنیٰ لاحتمال کونها جابرة أو کاسرة.‏

أقول:‏ أمّا الدعویٰ الاُولیٰ: وهی أنّ مقتضیٰ حجّیة الشهرة الفتوائیّة، جابریّة‏‎ ‎‏الشهرة العملیّة، فهی ممنوعة؛ ضرورة أنّ الشهرة الفتوائیّة، تکشف أحیاناً عن اشتهار‏‎ ‎‏الحکم، فلا سند هناک حتّیٰ یحتاج إلی الجبر، بخلاف الشهرة العملیّة، فالملازمة‏‎ ‎‏قابلة للمنع.‏

‏وأمّا الدعوی الثانیة: فهی أیضاً قابلة للمنع؛ لأنّ لمنع کاشفیّة الشهرة عن‏‎ ‎‏اشتهار الحکم، وجهاً کما مرّ‏‎[3]‎‏؛ لأنّ الحکم المفتیٰ به عند المشهور، لیس ممّا یصحّ‏‎ ‎‏اشتهاره بین الأصحاب الأوّلین، وأمّا الشهرة الفتوائیة العملیّة، فتوجب الوثوق بأنّ‏‎ ‎‏القدماء مع کثرتهم، لا یمکن الالتزام بخطئهم فی السند، بعد بنائهم علی العمل‏‎ ‎‏بالأسانید المعتبرة، فمع اختلاف مشاربهم فیه إذا کانوا عاملین بسند، یحصل الوثوق‏‎ ‎‏به عند العقلاء، فیکون جابراً، من غیر أن تکون حجّة إذا کانت فتوائیّة، فالملازمة‏‎ ‎‏ممنوعة من الطرفین.‏

‏بقی الکلام فیما هو المهمّ بالبحث فی ضمن مسائل:‏

‎ ‎

کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 389

  • )) تقدّم فی الصفحة 377 .
  • )) نهایة الاُصول : 543 ـ 554 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 378 ـ 379 .