تذنیب : حول حجّیة خبر العادل واقعاً وإن لم یصل إلینا
قضیّة المنطوق وجوب إیضاح الخبر، ومعناه أو لازمه العلم بصدق الخبر، فیلزم أن تکون حجّیة خبر الفاسق مشروطة بالعلم بالصدق، والعلم المذکور إمّا تمام الموضوع، أو جزؤه، وتصیر النتیجة فی ناحیة المفهوم ـ علی القول به ـ حجّیةَ خبر العادل وإن لم یکن واضح الصدق، ومعنیٰ ذلک أنّ خبر العادل حجّة واقعیّة وإن
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 458
لم یصل إلینا.
ففی ناحیة المنطوق یکون الموضوع الخبر الواصل؛ لأنّ إیضاحه یقتضی ذلک، وأمّا فی ناحیة المفهوم فلا مقتضیٰ له. وهذا ممّا لا یلتزم به القوم، فإنّ حجّیة الخبر مخصوصة بالخبر الواصل، ولا یکون للحجّیة مقام الثبوت والإثبات، بل الحجّیة ذات مقام واحد.
أقول أوّلاً: إنّ قضیّة المجیء إلیکم، هو اعتبار الخبر الواصل، ففی المنطوق قرینة اُخریٰ علیٰ أنّ المفروض فی ناحیة المفهوم هو الخبر الواصل.
نعم، بالنسبة إلیٰ خبر الفاسق، یظهر اعتبار وصوله من جملة الجزاء أیضاً.
وثانیاً: لا یتوقّف هذا الإشکال علی الفرض المذکور، مع أنّ الوضوح غیر العلم، ولو کان یلازمه فلا یلزم أن یکون جزءً أو تماماً، بل ربّما یعدّ طریقاً ولو کان مأخوذاً فی نفس الدلیل.
وثالثاً: قد تحرّر منّا: أنّ الخبر الموجود فی «الوسائل» یحتجّ به إذا أخلّ المکلّف فی فحصه، وما اشتهر: «من أنّ الاحتمال قبل الفحص منجّز» غیر تامّ، بل ما هو المنجّز هو الخبر الواقعیّ، وقد مرّ تفصیل المسألة عند تحریر الأصل فی الشکّ فی الحجّیة بما لا مزید علیه. ولا موقع لتوهّم: أنّ الموجود فی «الوسائل» من الخبر الواصل، فراجع وتدبّر جدّاً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 459