المناقشة الثانیة :
أنّ فی مورد خبر الفاسق، لا یجب التبیّن بالضرورة، ولا یکون الحکم منجّزاً بالقطع، ولا معنیٰ لحمل الآیة علیٰ أنّ جواز العمل بالخبر الواحد، مشروط به، وأنّ رفع حرمة الاتباع لقوله منوط بالتبیّن؛ لظهورها فی الوجوب المطلق، أو اللزوم المطلق المنشأ عن واجب عقلیّ مطلق؛ وهوالفرار من استحقاق العقوبة،
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 481
کما عرفت.
فعلیٰ هذا یعلم: أنّ الآیة مربوطة بموارد الوقوع فی المحذورین، وهو کون الخبر موجباً لوقوع المکلّف بین وجوب الاتباع، وحرمة الاتباع، کما هو شأن النزول، فإنّ القعود عن الحرب فی تلک القضیّة ممنوع شرعاً وعقلاً، وهکذا الإقدام، ویرتفع المحذور بالفحص وتبیّن خبر الفاسق؛ لئلاّ یقع الإنسان فیما لا یجوز الوقوع فیه، کالقتال، وهدر الأموال، وغیر ذلک.
وبالجملة: ما یقال: «إنّه شرط لجواز العمل» کما فی حاشیة العلاّمة الأصفهانیّ قدس سره وهو الظاهر من «الرسائل» بل هو الظاهر من الأکثر، غیر موافق لظاهر الآیة، فالآیة بحسب المورد والمنطوق والذیل، مربوطة بمورد یکون خبر الفاسق موجباً لوقوع الإنسان فی المحذورین، ولا یمکن الخروج عنه إلاّ بالتبیّن، فتکون أجنبیّة عمّا نحن بصدده.
وحمل إطلاق الهیئة علیٰ أنّ جواز العمل بالخبر مشروط بالشرط، أو علیٰ أنّ نفی حرمة اتباع خبر الفاسق یمکن بالتبیّن غیر جائز، فما دام یمکن الأخذ بالإطلاق یتعیّن.
وعلیٰ هذا، یدور الأمر بین کون الآیة ذات مفهوم یدلّ علیٰ عدم حجّیة خبر العادل، کما هو مفاد المناقشة الاُولیٰ، أو تکون أجنبیّة عن مسألتنا، ولا ثالث،
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 482
وحیث لا سبیل إلی الأوّل یتعیّن الثانی، وهو المساعد للاعتبار ولغیر ذلک، کما لا یخفیٰ علی المتأمّل الخبیر البصیر، والحمد لله أوّلاً وآخراً، وظاهراً وباطناً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 483