حول منع دلالة الآیات الاُخر
وهی آیة النفر، وآیة الکتمان، وآیة السؤال، وآیة الاُذن، بل آیات الأمر بالمعروف، والنهی عن المنکر، فإنّ هذه الآیات متضمّنة لمسألة احتکاک الناس بعضهم مع البعض، ومشتملة علیٰ مسائل اجتماعیّة، فإن کان النفر والعود والإنذار لازماً مثلاً، أو کان الکتمان ممنوعاً، والشهادة واجبة، أو کان السؤال لازماً وغیر ذلک، فلازمه ـ فراراً من اللغویّة ـ حجّیة إخبار العادل، وإلاّ تشبه المسألة السخریة والاستهزاء، فلا معنیٰ للأمر الإیجابیّ أو الندبیّ بهذه الاُمور، مع المنع عن الاستماع إلیها؛ وعن ترتیب الأثر علیها.
وهذا التقریب المشترک هو أسدّ ما یقال فی المسألة، وسائر التقاریب لاترجع إلیٰ محصّل.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 488
والذی هو التحقیق: أنّ لازم التقریب المذکور، حجّیة مطلق الخبر؛ سواء کان المخبر عادلاً، أو فاسقاً، أو کافراً، أو امرأة فاحشة، أو غیر ذلک، ثمّ بعد ذلک یلتزم بالتخصیص والتقیید، وهل تریٰ ـ بینک وبین ربّک ـ أنّ هذه الآیات فی هذه المواقف من العموم أو الإطلاق؟! أم هی آیات ترشد إلیٰ لزوم هذه الاُمور، من غیر کونها بصدد الإطلاق؟ بل هی آیات ترشد إلیٰ کفایة هذه المسائل، والواجبات الکفائیّة النظامیة ربّما تکون من المسائل الحکومیّة اللازم إجراؤها عند قیام حکومة عادلة، تحت عنوان وزارة الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر وهکذا.
وعلیٰ کلّ تقدیر: تختصّ الآیات بإشکالات، ولکن إحالة البحث إلی المطوّلات، أولیٰ وأحسن.
ولو قیل: هذا الحثّ والترغیب الشدید، یقتضی حجّیة مطلق الخبر، وإذا لم یکن لها الإطلاق فالمقدار المتیقّن منه هو حجّیة خبر العدل، وهو المطلوب.
قلنا: لیس الوثوق والاطمئنان الشخصیّ الحاصل من خبر العادل قلیلاً، حتّیٰ یکون الأخذ بالمقدار المتیقّن منها نوع طرح لها، کی یستـتبع حجّیة خبر العادل؛ لأنّه القدر المتیقّن ولو لم یحصل منه شیء، أو حصل منه الظنّ بخلافه.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 489