الجهة الثانیة: فی وجود التواتر المعنویّ أو الإجمالیّ بعد عدم تحقّق اللفظیّ منه
فعن العلاّمة النائینیّ رحمه الله تحقّق المعنویّ، وقد صدّقه بعض آخر، وأنکره السیّد الوالد المحقّق ـ مدّظلّه ، وهو الظاهر من «الکفایة» وغیره.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 493
ویظهر أنّه رحمه الله لم یلتفت إلیٰ طرف المطلوب؛ فإنّ معنی التواتر المعنویّ: هو القطع بصدور خبر واحد من بین الأخبار الدالّة علیٰ حجّیة مطلق الخبر، وإن لم یکن جامعاً للخصوصیّات، وهذا واضح المنع.
وذهب صاحب «الکفایة» إلی_' وجود الإجمالیّ منه، فیثبت الأعمّ بالأخصّ.
وفیه: أنّ من شرائط حجّیة الخبر، أن یکون له الشاهد أو الشاهدان من کتاب الله ، وقد أنکروا دلالة الآیات علیٰ حجّیته، وقد غفلوا عن هذه المسألة فی المقام. مع أنّ التمسّک بالخبر المقطوع الحجّیة یفید حجّیة مطلق الخبر.
وأمّا ما فی «تهذیب الاُصول» : «من احتمال دخالة عدم الواسطة فی الحجّیة، فلا یکون الخبر مع الواسطة حجّة» فقد أشرنا إلیه فی ذیل الجهة السابقة: إلیٰ أنّ دعوی القطع بعدم اعتباره ممکنة جدّاً؛ لاتفاق الأخبار علیٰ أنّ نفیها لمطلق الخصوصیّات، لیس معتبراً فیما یتمسّک به. نعم الخصوصیّات فی الأخبار معتبرة.
فعلیٰ هذا تحصّل: أنّ المتواتر الإجمالیّ والمعنویّ غیر واضح تحقّقهما، بل الظاهر ممنوعیتهما.
ومن هنا یظهر ما فی «تهذیب الاُصول»: من التمسّک بالخبر العالی السند؛ لإثبات المطلوب المطلق، فإنّ مجرّد کون الطبقات عدولاً إمامیّـین وکذا وکذا لا یکفی؛ لأنّ قضیّة جملة من الأخبار حجّیة الخبر المطابق للکتاب والقائم علیه منه الشاهد أو الشاهدان.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 494
اللهمّ إلاّ أن یقال: بدعوی القطع بعدم دخالة ذلک فی حجّیة الخبر، فالأخصّ مضموناً هو المحکیّ بالعدول الإمامیّـین، وإذا ثبت ذلک یثبت به سائر المطلوب وإطلاق المدّعیٰ، فإذا صحّ ادعاء عدم اشتراط عدم الواسطة کما مرّ وبعض الشرائط الاُخر، یمکن دعویٰ وجود الخبر الواحد الأخصّ الناهض علیٰ عموم المدّعیٰ؛ لأنّ کلیة الأخبار ذات إطلاق ولا معنیٰ لدعویٰ أنّ القدر المتیقّن منها هو الخبر المفید للوثوق والاطمئنان أو الظنّ، وإلاّ فلا یتمّ المطلوب أیضاً من هذه الجهة، فتأمّل.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 495